رئيس التحرير
عصام كامل

«الإخوانية السائلة» خلطة سلفية لإعادة الجماعة للحياة.. التنظيم يستعين بمنهج جديد لتجاوز أزمته مع الدول العربية.. يراجع ملفاته القديمة ويقارن مصيره بـ «آل برهامي».. وباحث: فات آوان

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

منذ نكبتها قبل 5 أعوام، وجماعة الإخوان الإرهابية تبحث عن أي طريقة أو مسار يمكن من خلاله إيجاد معجزة تنقذها من الشتات والتشرذم الذي أصبحت عليه، خصوصا بعد فشل نظامها الداخلي، الذي حولها إلى جبهات متصارعة، وضيّع هيبة كبارها، وأصبحوا غير مرغوب فيهم، بعد عقود من التسبيح بحمدهم، والدوران في فلك أفكارهم ومواقفهم.


السلفية السائلة

وتلجأ الإخوان حاليا إلى دراسة ما يعرف بـ«السلفية السائلة»، التي تتبعتها في بعض محطات تحولها السياسي والفكري، خاصة قبل ثورة يناير وما بعدها، والذي بسببها بقى التيار السلفي العلمي محصنا من غضب الدولة، ويشارك حتى الآن في البرلمان والحياة السياسية، بينما الإخوان تواجه شبح الفناء.

وتبحث الإخوان بحسب مصادر من داخل الجماعة في مآلات ثورة يناير، وكيف سببت ارتباكًا في الأوساط السلفية، وجعلتها تراجع ثوابتها من الاشتغال بالسياسة بشكل عام، والثورة بشكل خاص، وأعادوا قراءة مواقفهم تجاه الثورة، وما تلاها من انفتاح استغلته السلفية في اقتحام العمل السياسي، وتأسيس أحزاب تنافس على الانتخابات البرلمانية، وتصبح رقما فاعلا في الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2012، بشكل فاجأ الإخوان أنفسهم وقتها.

كان الخطاب السياسي السلفي ولا يزال يعيش حالة من العداء لكل ما هو غير إسلامي، ولكنه استطاع الاختباء تحت شعارات الوطنية، كما حرص على الامتناع عن توظيف المساجد والفضائيات والمنابر، في الحشد والتعبئة السياسية والاجتماعية، بعدما لمس أن هناك تربصا من الدولة بالفكر المتشدد، وسعيها لمحوه بعد ثورة الثلاثين من يونيو 2013.

الشرخ السلفي والجماعة
أكثر ما يضع الإخوان في حالة إعجاب بمفهوم «السلفية السائلة» بحسب المصادر، أنها استطاعت تجاوز الشرخ الكبير الذي أصاب عموم التيارات السلفية، وجعلها لفترات طويلة ناقمة على بعضها البعض، بما أدخلها في صراعًا وجوديًا، بسبب ادعاء كل منهم الحق في موقفه تجاه ثورة 30 يونيو، التي أزالت الإخوان من الوجود السياسي والدعوي والاجتماعي، لأول مرة منذ نحو نصف قرن.

يرى سامح عيد، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية أن سلفيو الإسكندرية التابعين لياسر برهامي هم المعنيون بدراسة الإخوان، خاصة أنهم طبقوا مفاهيم السلفية السائلة بابتعادهم السريع عن المعركة التي افتعلتها الجماعة مع مؤسسات الدولة المصرية، وانتهت بالإخوان إلى الجحيم، ودار في نفس المسار جماعات أخرى، بحثت لنفسها عن مسار مختلف يمكنها من الابتعاد عن المهلكة الإخوانية.

ويوضح «عيد» أن التيارات الجهادية فقط هي التي جاورت الإخوان في أزمتها، وطبقت مفاهيم المعارك الصفرية ضد الدولة المصرية، فإما عودة الإخوان، أو الصراع للنهاية، وهو المسار الذي تجاوزته الجماعة الإسلامية، التي هادنت الإخوان، وحاولت إصلاح الأزمة بينها وبين الدولة.

ويؤكد الباحث في شئون الجماعات الإسلامية أن انتهاج الجماعة الإسلامية، مفاهيم قريبة من مسارات الدعوة السلفية، جعلها حريصة على إرسال إشارات تشدد على وقوفها مع الدولة حتى وإن اختلفت معها، والدليل محاولاتها تقديم براهين وأدلة على التزامها بالقانون، سعيا منها لعدم حل ذراعها السياسي حزب البناء والتنمية، وهي طريقة كان يجب على الإخوان دراستها قبل فوات الأوان، بحسب وصفه.
الجريدة الرسمية