حَتَّى لَا يَطِير الدُّخَانُ!
ثمة أسئلة بعضها مشروع تلك التي وجهها كثير من المصريين عبر مواقع السوشيال ميديا وفى جلساتهم الودية عقب الحادث المؤلم الذي تعرض له أتوبيس يقل أقباطا على مقربة من دير الأنبا صموئيل بالمنيا، والذي أودى بحياة أبرياء وسقوط العديد من المصابين، ومن تلك الأسئلة: لماذا لم يعلن التليفزيون الحداد أو أن يوقف برامجه؟ ولماذا لم يتوقف الاحتفال في شرم الشيخ بمنتدى شباب العالم؟ ولماذا تتأخر البيانات الرسمية عن الظهور بشأن الحادث؟
وهنا وجب علينا التمهل قبل إطلاق أحكامنا فإعلان التليفزيون الحداد أو إلغاء التجمع الشبابى العالمى في شرم الشيخ هو ما يستهدفه الإرهاب بالفعل، ويمثل نجاحا لمخططاته، لذا فقد أحسنا صنعا في إدارة الأزمة بالعمل بالتزامن في اتجاهين، الأول هو تعقب الجناة وهو ما نجحت فيه بالفعل أجهزتنا الأمنية، والاهتمام بأسر ضحايا الهجوم والوقوف بجانبهم وتعزيز الإحكام الأمني، والثانى هو بث رسالة للعالم أن مصر القوية الحياة بها لم تتوقف!
الوقت الذي اختاره الجناة لتنفيذ جريمتهم النكراء كان دقيقا، فالحادث نُفذ عشية انطلاق فعاليات منتدى شباب العالم بشرم الشيخ، وفى توقيت يشهد أداء متحسن لسياستنا الخارجية، كما يتزامن مع بداية تدفق سياحى.
منتدى الشباب العالمى في شرم الشيخ الذين استهدفوا وقف فعالياته فرصة طيبة جدا لتحسين صورة مصر الذهنية من خلال المشاركين الذين يعتبرون سفراء غير رسميين لمصر بالخارج، من خلال نقل تجاربهم عن مصر وشرم الشيخ كمنتجع سياحى عالمى عبر مواقع السوشيال مديا وأثير الإذاعات وأبواق الإعلام المختلفة.
حتى نكون منصفين وحتى نسد الباب على القيل والقال، فإن صدور بيانات رسمية عن المتحدث الرسمي ضرورة حتمية في وقت الأزمات، وتغلق أبواب التأويل والتحريف والتأليف لاطلاع الرأي العام بما هو مسموح من المعلومات، وبما لا يمثل إفادة للقوى المضادة، وتأخير صدور بيانات رسمية أثناء الأزمات أمر غير مستساغ في علم إدارة الأزمات.
نعم صحيح وعن جد أن مصر تحارب الإرهاب دون أن نروج للشعار، بل نتحدث بالأفعال، وهو ما حدث بالفعل منذ يومين عندما دكت أجهزتنا الأمنية فلول الإرهابيين بطريق ديروط الفرافرة.. نعم، إن الحديث المتصل عن الإرهاب في قنوات التليفزيون ليل نهار من شأنه أن يُعمق الجراح ويُصدر صورة سلبية عن مصر، ويقف حجر عثرة ضد الاقتصاد والاستثمار والسياحة.
التقصير الأمني في الحادث غير مطروح حتى الآن، خصوصًا أن القوات أحبطت هجومين كان يعد لتنفيذهما على الكنائس والأديرة في نطاق المنطقة نفسها، فقد أسفرت عمليات المواجهة خلال الشهر الماضي عن سقوط نحو 20 إرهابيًا في حادثين منفصلين منعت عمليات أكثر دموية.
ليس من المستبعد أن تستهدف مصر، وهى الدولة التي مازالت راسخة في المنطقة، ولم ينلها ما نال الكثير من دول الجوار من تخريب ودمار، وبفضل قواتنا وأجهزتنا الأمنية التي تقف لتلك المخططات بالمرصاد، وحتى لا يطير دخان الأزمة علينا ألا نصعد منها إعلاميًا، ولكن يجب إدارتها بما ينبغى أن يكون دون إفراط أو تفريط أو تهويل أو تأويل.