«حظر ارتداء النقاب».. معركة مرتقبة بأروقة البرلمان.. نائبة تعد مشروع قانون يتضمن عقوبات صارمة.. «الأوقاف»: مجرد فضيلة.. ومجلس الدولة: التشريع بشأنه اختصاص مجلس النواب
في أول خطوة عملية تجاه حظر ارتداء النقاب، قدمت النائبة غادة عجمي، مشروع قانون بهذا الشأن، وضع تعريفا للنقاب وما يماثله، كما حدد عقوبات للمخالفين، حيث استشهدت برأي الأزهر الشريف ومجمع البحوث وعدد من الأئمة الذين أكدوا أن النقاب ليس فريضة دينية.
جدل في البرلمان
ومن المقرر أن يشهد هذا التشريع جدلًا واسعًا، داخل أروقة البرلمان، لا سيما وأن البعض يرون أن النقاب وإن لم يكن فريضة، ولكنه فضيلة، والدستور منح كل مواطن حرية ارتداء ما يشاء.
حدد مشروع القانون المقدم من النائبة غادة عجمي، عددًا من العقوبات لمن ترتدي النقاب في الأماكن العامة، لا سيما وأن المادة الثالثة من مشروع القانون نصت على حظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة بأن نصت على أن «يحظر ارتداء النقاب أو البرقع أو تغطية الوجه في الأماكن العامة، بكافة أنواعه أو صوره، في أي وقت وتحت أي ظرف من الظروف».
عقوبات حاسمة
أما العقوبات التي أقرها مشروع القانون، فجاءت بتوقيع غرامة قيمتها ألف جنيه، ويتم المضاعفة في حال العودة لمخالفة القانون وارتدائه، كما وشدد مشروع القانون في المادة السادسة على أنه: «بما لا يخالف الأحكام واللوائح والقرارات الإدارية والتنظيمية في الأماكن العامة، يتم التنبيه على كل العاملين بالأماكن الحكومية والجامعات والمستشفيات والمراكز الصحية والمدارس والمكتبات العامة والمتاحف والمباني الحكومية، بحظر ارتداء النقاب أو البرقع أو أي غطاء للوجه كمنشور يعلق بلوحة الإعلانات أو في أماكن ظاهرة للعلم بما جاء فيها».
حالة حرب
بينما نصت المادة السابعة على: «العقوبات المنصوص عليها بهذا القانون، لا تعفي من تطبيق أي جزاءات إدارية أو جناية أخرى طبقا للقوانين واللوائح الأخرى، وبما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون»، حيث أشارت النائبة، إلى أن مصر تعيش حالة حرب ضد الإرهاب تستوجب حظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة لأن ذلك يهدد الأمن القومي.
وأكدت غادة عجمي، أن النقاب يتعارض مع الأمن والأمان والحالة الأمنية الحالية في مصر، فالعقوبات الموجودة ضمن مشروع حظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة من الممكن تعديلها خلال جلسات المناقشة والاستماع بالبرلمان.
جرائم إرهابية
وجاء رأي النائب، محمد أبو حامد، عضو البرلمان، متوافقا مع رأي النائبة غادة عجمي، مؤكدا أن النقاب يستغل في ارتكاب جرائم إرهابية وجنائية مثل خطف الأطفال، مشددًا على ضرورة منع النقاب في إطار مراجعة الأفكار الدينية المغلوطة، لافتا إلى أن الأزهر الشريف أكد أن النقاب عادة وليست فريضة، كما أن المجلس الأعلي للشئون الإسلامية حظره بالكليات.
مجرد فضيلة
ومن جهته أكد الدكتور جابر طايع، رئيس القطاع الدينى بوزارة الأوقاف، أن النقاب فضيلة وليس فريضة، ويعرض على السيدات ولا يفرض عليهن، فمن أرادت أن تنتقب فلها مطلق الحرية، ومن لا ترتديه فلا وزر عليها، رافضا -في الوقت نفسه- المطالبة بسن مشروع لإلغاء النقاب، لأنه لا يمكن أبدا مصادرة حرية الناس، محذرا بأن التشدد الديني يؤدي للانحراف ويمثل خطورة على الوطن والدين والشرع.
وقال: لا نفرض الحجاب على أحد، رغم أنه واجب، وبناء عليه فلا يجب أن نفرض النقاب على أحد ونترك القرار لكل شخص فهذه حريته.
مجلس الدولة
وفي 25 أكتوبر الماضي، صدر تقرير قضائي لهيئة «المفوضين» بمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، كشف عدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر دعوى حظر النقاب والتي طالبت بإلزام مجلس النواب وشيخ الأزهر بإصدار قانون الحظر.
واستند التقرير، الذي أعده المستشار محمد عبد الحميد ربيعي، نائب رئيس مجلس الدولة، في الدعوى رقم 60680 لسنة 71 المقامة من سمير صبرى المحامى، إلى نص المادة "190" من الدستور فيما تضمنته من "أن مجلس الدولة يختص دون غيره بنظر المنازعات الإدارية، ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه، كما يختص بالفصل في الدعاوى والطعون التأديبية، ويتولى وحدة الإفتاء في المسائل القانونية للجهات التي يحددها له القانون، ومراجعة وصياغة مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية، ومراجعة مشروعات العقود التي تكون الدولة، أو إحدى الهيئات العامة طرفا فيها.
سلطة التشريع
وتابع التقرير أن المادة "101" من الدستور الحالي نصت على "يتولى مجلس النواب سلطة التشريع، وإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية، والاجتماعية والموازنة العامة للدولة، ويمارس الرقابة العامة على أعمال السلطة التنفيذية".
ومفاد ما تقدم أن الدستور المصرى أقام نظاما دستوريا يستند إلى مبدأ الفصل المرن بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، إذ عهد بالسلطة التشريعية لمجلس النواب وأوكل إليها سن القوانين، كما أناط بالسلطة التنفيذية وتحديدا رئيس الوزراء إصدار اللوائح التنفيذية اللازمة لتنفيذ القوانين، وأناط بالسلطة القضائية مراقبة تطبيق القوانين، فيما أفرد نصا خاصا لمجلس الدولة أوكل إليه الفصل في المنازعات الإدارية والتأديبية وغيرها من الاختصاصات الواردة في نص المادة "190" آنفة الذكر.
حكم الدستور
وبتطبيق ما تم سرده على الدعوى المنظورة، فإن قضاء مجلس الدولة ينحصر اختصاصه المرسوم دستوريا وقانونيا في نظر المنازعات التأديبية والإدارية، أما سلطة إصدار التشريعات فقد أسندت إلى مجلس النواب، وفي بعض الأحوال للسلطة التنفيذية، أما ما يخص مراقبة تطبيق القوانين فإنها من اختصاص السلطة القضائية، ومن ثم فإن كل سلطة من السلطات الثلاثة تمارس الأعمال المعهودة إليها بموجب الدستور دون أن يكون لأحدهما أن تتعدى على اختصاصات الأخرى.
ولما كان المدعي يطالب بإلغاء قرار مجلس النواب السلبي بالامتناع عن إصدار قانون بمنع ارتداء النقاب، وكان هذا العمل بطبيعته من الأعمال التشريعية التي يختص مجلس النواب دون غيره، ومن ثم ينحسر الاختصاص بنظر الدعوى الماثلة عن قضاء مجلس الدولة، وعن القضاء عامة، ويكون الدفع المبدى في هذا الصدد قد وافق صحيح القانون بما يتعين التقرير معه بعدم اختصاص مجلس الدولة ولائيا بنظر الدعوى.