منتدى الشباب.. وعواجيز الفرح!
حضرت مهرجان الشباب العالمي في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي الذي استضافته موسكو، وشارك فيه شباب من معظم دول العالم.. وعدت وقتها بعد نحو أسبوعين وأنا مبهور جدا بما شاهدته وعايشته وشديد الفرح بما اكتسبته من خبرات وصداقات جديدة..
وكثير الإعجاب بالشعب الروسي الذي استضافنا بكرم، ومنحنا اهتمامه طوال فترة المهرجان، وأحسن تنظيمه، وأنفق عليه بسخاء، وقدم لنا الكثير من الخدمات مع إتاحة الفرصة للحوار والنقاش، مثل حفلات الباليه والسيرك الروسي والرقص على الجليد الذي تشتهر بها روسيا، ومع ذلك لم يخرج أحد هناك ليقول لماذا تنفق روسيا على هذا الحدث العالمي، بل كان الجميع يقابلوننا بالترحاب الكبير في كل مكان من موسكو..
وعندما انتهى المؤتمر وحان موعد العودة إلى مصر اصطف طابور طويل من الشباب الروسي على أرض مطار موسكو لتوديعنا بحرارة بالغة..
ولا شك أن ذلك ترك أثره على موقفي من هذا البلد، وأسهم في صياغة رؤيتي عن هذا الشعب، وصاغ موقفا إيجابيا لي عن هذه الدولة.. وما حدث لي حدث أيضا لكل الشباب الذين شاركوا في المهرجان من كل أنحاء العالم.
أذكر ذلك بمناسبة عقد المنتدى الثاني لشباب العالم الذي تستضيفه وتنظمه مصر وتحتضنه مدينة السلام (شرم الشيخ )، لأنبه لكم الفوائد والمكاسب التي تحققها مصر من تنظيم واستضافة مثل هذا المنتدى للشباب.. أنا هنا لا أتحدث فقط عن المكاسب المباشرة مثل الدعايا لبلادنا وتبديد ما تتعرض له من شائعات كاذبة عن استقرار الأوضاع الأمنية في البلاد، والفوائد الجمة لصناعة السياحة المصرية..
وهي فوائد تفوق ما يمكن تحقيقه من حملات الدعاية السياحية.. إنما أنا أتحدث أيضا قبل ذلك عن العلاقات التي يحققها اجتماع شباب مصر مع شباب من مختلف أنحاء العالم، وهي علاقات بين قادة وكوادر المستقبل، وسوف تسهم بشكل كبير في توطيد علاقات مصر مع الدول التي جاء منها هؤلاء الشباب.. وهو ما يفيد في تحقيق المصالح المصرية والأمن القومي المصري..
أليس ذلك ما نسعى إليه اليوم، ومنتدى الشباب يتيح لنا أن نأمن وجوده في الغد أيضا!.
لذلك من السخف أن يخرج البعض ليستنكروا الإنفاق على مثل هذا الحدث المهم والمفيد لمصر.. بل كنت أتصور أن نتحدث عن مزيد من الإنفاق المالي على هذا المنتدى لتطويره وتوسيع نطاقه وفعالياته وزيادة أعداد الشباب المشاركين فيه.. ولا أجد عيبا من الإنفاق على هذا المنتدى من ميزانية الدولة، رغم أن ذلك لا يحدث، إنما التمويل يأتي من عدد من الرعاة..
فمن يريد أن يلعب دورا في محيطه الإقليمي والعالم ويسعى لحماية أمنه القومي وصيانة مصالحه عليه أن يتحمل التكلفة المالية وغير المالية.. واستخدام القوى الناعمة المصرية لن يحدث مجانا.. لذلك فليصمت عواجيز الفرح الذين لم يجدوا عيبا في الورد سوى أنه أحمر الخدين.