إلى متى؟!
إلى متى سوف نفاجأ بكل حادث أو عمل إرهابي جديد ويشعر بَعضُنَا بالاهتزاز ويفقدون القدرة على التفكير السليم ويرددون بالتالي كلاما يجانبه الصواب، رغم معرفتنا أننا نخوض حربا ضارية ضد إرهاب، هو الأكثر وحشية من كل إرهاب سبق أن واجهناه من قبل، وبالتالى فإن تعرضنا للضربات الإرهابية وارد ومحتمل، ما دامت التنظيمات الإرهابية تلقى دعما بالمال والسلاح والملاذ الأمن والغطاء السياسي من بعض الدول.
وقبل الحادث الارهابى الأخير في تونس نبهنا إلى أن الأراضي الليبية ما زالت مأوى لجماعات وتنظيمات إرهابية تهدد جيران ليبيا.
والى متى أيضا في المقابل سوف نظل نردد ونقول ذات الكلام حول أن ما نحققه من نجاح في ساحة المواجهة الأمنية مع التنظيمات الإرهابية، لا يصاحبه نجاح مطلوب وضروري في ساحة المواجهة مع التطرّف الدينى وأهله، بل ثمة تقاعس في هذه المواجهة، التي مازالت قاصرة ومحدودة وضعيفة وأحيانا مرتعشة، رغم أنها هي الأكثر أهمية لتجفيف منابع الاٍرهاب، ولحرمان التنظيمات الإرهابية من ضخ دماء جديدة في عروقها، وتعويض خسائرها البشرية الضخمة بمجندين جدد.
لقد سقط لنا من الشهداء والمصابين ما يكفى لكى ننتبه ونصحو من غفلتنا الغريبة وننتبه إلى أهمية وضرورة مواجهة ذلك التطرّف الدينى الذي يفرخ لنا هؤلاء الإرهابيين الذين يقتلون ويخربون ويدمرون ويفجرون.. وحان الوقت لنكف عن التباهى بالصمود عقب كل ضربة إرهابية جديدة نتعرض لها، وهو صمود حقيقى بالفعل، ليحل محله تباهى آخر بالعمل الجاد على مواجهة التطرّف الدينى في كل مظاهره..
مواجهة شاملة وفى كل الساحات التعليمية والثقافية والاجتماعية.. مواجهة مستمرة لا تتوقف حتى ننظف مجتمعنا من هذا التطرّف الدينى الذي ابتلينا به وورد إلينا من الخارج، عندما اضطرت الظروف الاقتصادية بعض أبنائنا إلى الهجرة والعمل في بعض الدول العربية، وعندما تصور بعض قادتنا أن اللعب مع المتطرفين يفيدهم ويخدمهم ويثبت سلطاتهم.
آن الأوان أن نحارب التطرّف الدينى بجدية لنحمى أنفسنا من شرور وأذى الاٍرهاب ونقلل من أعداد شهدائنا، وحتى نتفرغ حقا لمعركة البناء والتعمير.. ومحاربة التطرّف الدينى لا تستقيم أو تصلح وتنجح إذا لم تكن شاملة وإذا لم تكن أيضا جادة وصارمة وشجاعة، من خلال حركة تنويرية واسعة للمجتمع.