رئيس التحرير
عصام كامل

العباقرة.. والإنسانية.. وصاحب نوبل!


إن أعظم ما يميز العباقرة على مر التاريخ ويجعلهم خالدين في سجل الإنسانية ليس اختراعاتهم التي أسعدت البشرية فحسب بل روحهم الإنسانية المحبة للجمال والحق والخير والتكافل ومد يد العون للفقراء.. ثمة أمثلة كثيرة منهم عندما أغناهم الله بالمال تبرعوا بكثير منه لأعمال الخير أو كتبوا في وصاياهم تجنيب أموال كثيرة مما تركوه لأعمال إنسانية تنفع البشرية..


فلم يبخلوا على الفقراء بما استخلفهم الله فيه من مال كما يفعل للأسف كثير من أثرياء أمتنا العربية، الذين قد يدفع الواحد منهم ملايين الدولارات في حفلة أو لوحة فنية أعجبته هنا أو هناك، أو كما يفعل رجال المال والأعمال عندنا الذين جنى بعضهم ثرواتهم من أقوات الشعوب احتكارًا وغشًا ومضاربات دون أن يُضبط واحد من هؤلاء متبرعًا لعلاج فقراء المرضى أو فك كرب الغارمين أو بناء مدارس أو مستشفيات أو تطوير عشوائيات أو غيرها من مصارف البر والإحسان.

في عالمنا هناك كثير من قصص النجاح تحولت فيها الأفكار والأحلام إلى حقيقة لا تكفي لرصدها مجلدات.. لم يكن طريق أصحابها ممهدًا ولا مفروشًا بالورد وإنما مليء بالأشواك.. لكن على قدر أهل العزم تأتي العزائم.. فهل أنت عزيزي الشاب أو الشابة من أولى العزم هؤلاء أم ممن استكانوا واستسلموا للدعة والكسل والتبريرات الجاهزة للفشل؟!

لقد ألمح صاحب نوبل لحقيقة غاية في الأهمية حين قال: "نحن في حاجة إلى المال والمال الكثير كي نصلح حالنا، ونقيم بناء هياكلنا الأساسية؛ الإنتاج والخدمات والمصانع والزراعة.. كل أولئك في حاجة إلى المال للإنشاء أو الترميم أو التوسع.. لكن إلقاء نظرة سريعة تكفي لإقناعنا بأن المال ليس وحده ما ينقصنا..

وإنما نحن في حاجة إلى الإنسان بنفس الدرجة أو أكثر.. يلزمنا إنسان يلتزم بالمصلحة العامة بأمانة وإخلاص ونزاهة.. قد تقوم نهضة بهذا الإنسان مع مال محدود ولكن المال الوفير يعجز عن تحقيق أهدافه بغير هذا الإنسان".

الإنسان المهترئ ينهب المال أو يهدره أو يضيعه بالإهمال أو الكسل وهو في شغل عن واجبه بالانحصار في ذاته والاستغراق في شهواته.. فالأزمة هي قبل كل شيء أزمة أخلاقية؛ ثمرة مرة للقهر الخارجي والقهر الداخلي، والظلم والامتيازات والعبث بحقوق الإنسان والفقر والجهل والمرض.

لقد أسيء إليه طويلًا والآن يرد الإهمال بالإهمال والإساءة بالإساءة في عملية استهتار أشبه بالانتحار.. ولا جدوى من أي تخطيط إن لم نضع في مقدمته العناية المركزة بالإنسان في تعليمه وثقافته وصحته.. ولعله من التواكل أن نترك هذه المهمة للدولة وحدها فما زال الأمل معقودًا بالقلة المبرأة من الفساد وقادة الرأي من المثقفين والمخلصين من الأحزاب فهم في مقدمة من يجب أن يهبوا لبث الروح وبعث الهمم في الشباب وتزويده بالرأي والعزيمة ليحطم أغلاله ويفهم سلبيته فينقذ ذاته ومجتمعه ويخلق من الموت حياة جديدة.
الجريدة الرسمية