رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا قال حمدي قنديل للإخوان: «لا تصالح»

 الإعلامي الكبير
الإعلامي الكبير حمدي قنديل

رحل الإعلامي الكبير حمدي قنديل عن دنيانا، وترك فراغا لا يمكن تعويضه، ورغم مشواره الطويل، إلا أن موقفه من جماعة الإخوان الإرهابية كان الأقوى خلال سنواته الأخيرة.


لا تصالح وهذا يكفى.. هكذا قال الإعلامي الراحل، في شهادة دونَّها بمقال كتبه قبل سقوط حكم الإخوان، وقال إن الجماعة ليس لها عهد، هي برأيه جماعة مراوغة، مناورة، لا تبتغى سوى صالحها، وحديثها عن عملها لصالح مصر مجرد أكاذيب.

ما كان يحدث على الساحة، وعلاقات الإخوان المتخبطة داخليا وخارجيا، كانت برأي قنديل مؤامرة على مصر، شهد المصريون تفاصيلها ساعة بساعة، منذ وضع مرسي قدمه في قصر الرئاسة؛ فخطوط علاقاتها الممتدة إلى أمريكا والملتبسة مع إسرائيل، جعلته يخلع عصا الطاعة عليهم.

لا تملك شيئًا لتقدمه إلى مصر، لا المال ولا الخبرة ولا الدراية بشئون الحكم.. استكمل قنديل شهادته الموثقة على الإخوان، واعتبرها جماعة خطرة على مصر وخطرة على الثورة بأهدافها السياسية وتوجهاتها الاقتصادية، واعتبر أن بقاءها في سدة الحكم، لعنة ستنتهي بكارثة.

شهادة الإعلامي الراحل، التي اختار لها عنوان «شهادة إبراء ذمة»، تحدث فيها تفصيليا عن اكتشافه المبكر لمؤامرات الإخوان، على رأسها المؤامرة الشهيرة، التي حاولوا فيها اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر في الإسكندرية عام 1965.

كان قنديل صاحب سبق صحفي في إجراء حوارات مع الإخوان في السجن الحربى، وأذيع عدد منها في التليفزيون، وهي لقاءات تحدثت عنها العديد من المذكرات الشخصية لقيادات الإخوان، ووصفها الإعلامي الراحل بالأكاذيب، رغم اعترافه بارتكابه خطأ مهني وأخلاقي باستجوابهم وهم في السجون، واعتذر عن ذلك علنًا.

في تليفزيون دبي، حاور قنديل في برنامج قلم رصاص عددًا من زعمائهم، بينهم مهدى عاكف، والدكتور محمد حبيب الذي استضافه في الإمارات، قبل خروجه على الجماعة، وعند عودة قنديل إلى مصر في 2009، شارك في تأسيس الجمعية الوطنية للتغيير، بعد عودة محمد البرادعى إلى مصر، ودون شهادته على مشاركة الإخوان في الجمعية، ولم يكن خلالها أي تأثير يذكر للإخوان إلا مناكفات عدمية لعصام العريان، وابتسامة بلاستيكية لمحمد البلتاجي بحسب وصفه.

يقول قنديل في شهادته الخطيرة على مشاركة الإخوان في الجمعية الوطنية للتغيير، إنهم حشدوا أكثر من ٧٠٠ ألف توقيع لمطالب التغيير السبعة، وفتحوا مقار نوابهم في المحافظات لمؤتمرات الجمعية، ومع ذلك كانت مشاركتهم دائما بالقطّاعى، يحضرون وقت الحاجة ويختفون عند اللزوم، ويتبنون ما يروق لهم من قرارات، وقرروا منفردين خوض انتخابات مجلس الشعب السابقة للثورة، التي كانت الجمعية قد قررت مقاطعتها، حتى لا تضفى شرعية زائفة على إرادة الشعب.

يستكمل قنديل شهادته: في لقاء مع المرشد مهدي عاكف وقتها، وفريق من أعضاء مكتب الإرشاد، حاول مع الدكتور عبدالجليل مصطفى والدكتور حسن نافعة إثنائهم عن المشاركة دون طائل، ليكشف بذلك أن الإخوان، كان لديهم تاريخ بغيض من الخروج على الإجماع الوطني، وهو ما تكرر في ٢٥ يناير عام 2011، حينما اكتفوا بإيفاد البلتاجى للتجمهر أمام دار القضاء العالى، وما إن التحقوا بالثورة عصر يوم ٢٨ حتى ذهبوا للتفاوض سرا مع الراحل عمر سليمان.

يرى الإعلامي الراحل أن انتهازية الإخوان، انتهت إلى استفتاء ١٩ مارس، الذي وضع فراق بين الجماعة والقوى المدنية؛ ففي الوقت الذي كان الجميع مشغولًا بدفع الثورة خطوة هنا أو خطوة هناك، كانوا هم يستعدون لاقتناص مجلس الشعب، الذي وعدوا من قبل، بأنهم لن يترشحوا على أكثر من ٣٠% من مقاعده، وعندما استولوا عليه بدأوا في ترويج شعار «البرلمان لا الميدان»، وغابوا بالفعل عن كل فعاليات الميدان في محمد محمود ومجلس الوزراء وما بعدهما، ثم عادوا يخطبون ود المصريين، قبيل انتخابات الرئاسة التي كانوا قد أعلنوا أن الجماعة لن تخوضها.

يختتم قنديل: مرسي نكث معظم تعهداته لهم بالعمل على تأسيس دولة مدنية حديثة، وانساق وراء الجماعة، وتغافل عن تمكينها من مفاصل الدولة، وسكت على اعتدائها على المتظاهرين في التحرير، واعتدائها على المعتصمين في الاتحادية، خدعوا الجميع وفشلوا في مواجهة الأزمات واحدة بعد أخرى، حتى وصلت القوى المدنية إلى النهاية المحتومة.

استبق قنديل الجميع، قبل الوصول للنهاية الدرامية لحكم مرسي، واعتذر للمصريين بسبب ذهابه إلى فندق فيرمونت، وقوفه مع مرسي بعد أن عصر كل الليمون المتاح، ولم يفلح ذلك في شيء، وانتهى إلى حل واضح مع الإخوان لا مجال للتراجع عنه: "لا تصالح"
الجريدة الرسمية