رئيس التحرير
عصام كامل

لطيفة التونسية: لم أهبط على الغناء والموسيقى من السماء وبدأت صعود السلم من بدايته

فيتو


  • فخورة بمسيرتي الفنية وأقول لنفسي «برافو عليا»
  • الأوبرا المصرية منزلي رغم غنائي الأول على مسرحها
  • استمتعت بتجربتي المثمرة مع زياد الرحباني وقريبًا سيجمعنا مشروعان فنيان جديدان
  • المايسترو مصطفى حلمي "صديق دراستي" وموسيقيو الأوبرا زملائي
  • هناك العديد من الخطوط الحمراء في حياتي الفنية أو الشخصية
  • أنا امرأة محبة «لا تهان ولا تستسلم».. ولا أغني سوى ما يجعل «رأسي فوق أكتافي»
  • مصر هي الحياة.. والعالم دونها "ما يسوى"
  • أنا مقصرة في جانب التجارب السينمائية والدرامية والمسرح الغنائي
  • أتمنى من الأوبرا تبني مشروع إحياء المسرح الغنائي

المطربة لطيفة التونسية التي تشارك للمرة الأولى في مهرجان الموسيقى العربية رغم مسيرتها الفنية الطويلة في عالم الغناء، التي دائمًا ما تصف تلك المسيرة أنها تجعلها أكثر فخرًا بنفسها.
الاقتراب من عالم «لطيفة» يكشف أنها المرأة المحبة للجميع.. المرأة التي لا تقبل الإهانة ولا ترضخ للاستسلام، فلا تغني سوى ما يجعلها فخورة بنفسها ومرفوعة الرأس، ولا ترضى في أغنياتها سوى بكل جديد يُبنى على القواعد الموسيقية السليمة.

«فيتو» التقت "لطيفة" على هامش مشاركتها الاستثنائية في مهرجان الموسيقى العربية وكان الحوار التالي:

*رغم مسيرتك الفنية الطويلة فإن 2018 يشهد مشاركتك الأولى في مهرجان الموسيقى العربية.. ما أسباب هذا الغياب الطويل؟
ليست أسباب محددة، بل يمكن القول إنها أمور قدرية لا دخل لي أو لإدارة المهرجان بها، فدائمًا تتزامن مواعيد المهرجان مع ارتباط عمل أو سفر لديَّ، وهذا العام جئت خصيصًا للمشاركة في الدورة الجديدة للمهرجان، حيث كنت على سفر إلى دبي، لكنني عُدتُ تلبيةً لدعوة المشاركة.

*شاركتِ في العديد من المهرجانات على مستوى العالم، فما الجديد الذي وجدتيه في مهرجان الموسيقى العربية؟
للمهرجان عدة جوانب، فأنت تغني على أرض مصر، وفي مهرجان عريق مثل مهرجان الموسيقى العربية، إضافة إلى أن جميع القائمين والموسيقيين في المهرجان هم زملائي بالأساس، فالمايسترو مصطفى حلمي الذي يقود حفلي بالمهرجان خريج دفعتي من أكاديمية الفنون، لذا أشعر أنني في منزلي داخل الأوبرا، على الرغم من عدم مشاركتي في مهرجاناتها من قبل، فإن هناك علاقة وثيقة تربطني بجميع الموسيقيين هنا، حيث عملنا كثيرًا مع بعضنا البعض خارج إطار المهرجان وجمعتنا أعمال فنية كثيرة.
هذا إلى جانب أن الأوبرا بطبيعتها الفنية تضع الفنان في قواعد الفنان الموسيقية التي درسها، واجتهد في الوصول لها، وطمحت لها منذ الصغر، فهناك حفلات أو مهرجانات هي من تحدد طبيعة الأغاني التي يمكن للجمهور تقبلها خلاله، لكن جمهور الأوبرا يريحني ويعطيني الخصوصية والقابلية لغناء القوالب الموسيقية التي أُريدها، فعلى سبيل المثال أغنية «بحبك بدالك» غنيتها عام 1987 وأغنيةا للمرة الأولى على المسرح منذ إصدارها، لأن الأوبرا ومهرجان الموسيقى هو المكان الصحيح لمثل هذه الأغنيات.

*تكريمك خلال الدورة الحالية لمهرجان الموسيقى.. لمَن تهديه؟
من المؤكد أنه يجب أن أُهديه إلى الشخصيات التي دعمتني حق الدعم في مشواري الفني، وهم الشاعر الكبير عبد الوهاب محمد الذي قدمني للجمهور، ووالدتي التي يرجع لها الفضل في وجودي بمصر وإصرارها على مساعدتي في دراستي، والمُلحن الراحل بليغ حمدي.

*دائمًا نجدك متجددة في الأغاني.. ما المعايير التي تختار لطيفة على أساسها أغنياتها؟
لا توجد معايير محددة سوى الإنسانية، فأنا لا أغني سوى الأغنيات أو النوع الموسيقي الذي يجعل «رأسي فوق أكتافي» بمعنى أن أكون فخورة بما أقدمه، فجميع الأغاني تدل على شخصيتي، حيث المرأة المحبة التي لا تهان ولا تستسلم أبدًا، ولا أحبذ غناء الأغاني التي تجعل المرأة تبكي وتنهار، إنما أحب الأغنيات التي تشعل في المرأة الأمل وتَدفعها إلى الأمام.

*يقع الفنان حاليًا في شرك رغبته بالحفاظ على التراث والطرب وفي الوقت نفسه أهمية مواكبة العصر والتجديد المستمر في الأغنية.. برأيك كيف يمكن الخروج من هذا المأزق؟
لو لم يكن لدى الفنان خلفية تراثية وقاعدة موسيقية واسعة، لا يمكنه أن يبتكر الجديد في الأغنية، ولو أنه أقدم على مثل هذا الفعل دون خلفية موسيقية فسيظهر بمظهر المتطفل على الغناء، لذا يجب على المطرب أن يملك ما يكفيه من خلفية وعلم موسيقي عن دراسة ليتسنى له التجديد والابتكار الصحيحين، وأن يستمع إلى شتى الألوان الموسيقية والمطربين والمجددين الذين سبقوه، وأن يسعى للاطلاع على جميع المدارس الموسيقية ومعرفة ماذا قدم الرواد ولماذا قدومه ومتى، ليستطلع على هذا العلم وبناء ما يسعى إليه من تطوير وتجديد في الأغنية بشكل يتناسب مع طبيعة العصر ولا يؤثر على تراثنا الموسيقي والغناء الثري للغاية.

*«زمن الفن الجميل» إلى أي مدى تتفقين مع الأصوات التي تؤكد أن هذه المقولة انتهى زمنها؟
الجمال لا ينتهي، فالله جميل يحب الجمال، والفن هو الجمال الحقيقي، ولا أعتقد أن ثمة إنسان يستطيع الحياة دون جمال الفن، والجمال لا يتوقف عند جيل محدد، فلكل جيل وعصر نكهته وجماله الخاصين به.

*الذائقة الفنية للجمهور تعاني التدهور في الفترة الأخيرة.. فما السبب بنظرك وهل هي أزمة الإنتاج؟
الذائقة ليست متردية للغاية بدليل أن المطربين الحقيقيين ما زالوا مستمرين، ويملكون قواعد جماهيرية واسعة، لكن الأزمة أن الشيء السيئ والسطحي يطفو على السطح، في ظل وجود العديد من القنوات التليفزيونية والإنترنت بوسائل التواصل الاجتماعي التي ساعدت في انتشار الكثير من الأشياء التافهة، لكن رغم كل ما يجري على الساحة الفنية وما يُستجد على ذائقة الجمهور، فإن الفن الحقيقي والجمال الخالص ما زال موجود على الساحة، ولا أظن أنه سيستسلم بسهولة، فالزمن والعصر كفيل بـ«غربلة» كل ما هو سيئ ليعود كل شيء إلى قاعدته ومركز الحقيقي والصحيح.

*في ظل عودة الفنان الكبير زياد الرحباني لعالم الفن بعد غياب.. هل هناك مشاريع قريبة بينكم لا سيما أنه كان هناك تعاون بينكما مسبقًا؟
استمتعت كثيرًا بتجربتي المثمرة مع الفنان زياد الرحباني، وقريبًا سيجمعنا مشروعين فنيين جديدين، لكننا حاليًا ما زلنا في طور الإعداد لهما.

*صراحة.. ما الخطوط الحمراء التي لا تتجاوز عنها لطيفة على المستوى الفني والشخصي؟
هناك العديد من الخطوط الحمراء في حياتي، سواء كانت الحياة الفنية أو الشخصية، ففي الفن على سبيل المثال هناك أماكن لا يمكنني الغناء بها، وألوان غنائية لا أقترب منها، فكل ما ينحدر ويهبط بالمستوى الفني والمسيرة الفنية هو بمثابة خط أحمر في حياتي، وأرفض رفضًا قاطعًا الانخراط أو الاقتراب منه.
وعلى المستوى الشخصي، كل ما يمس مبادئى وشخصيتي وتربيتي وكرامتي، لا أسمح بالاقتراب منه على الإطلاق.

*لو عاد بكِ الزمن إلى الوراء.. هل هناك أعمال محددة سترفضين غنائها مرة أخرى؟
لا.. فأنا فخورة بكل ما قدمته، وعندما أنظر لمسيرتي وأعمالي ومشواري الفني أقول «برافو عليا»، فأنا لم أهبط على الغناء والموسيقى من السماء، إنما بدأت صعود الدرج من بدايته، فكافحت طوال مسيرتي للوصول إلى تلك المرحلة، ولم أتطلع في بداياتي الفنية للنجاح السريع أو مغريات السوق التجاري، إنما عملت ودرست وبنيت نفسي واهتممت بالدراسة في المقام الأول لكي أعمل على أساس أكاديمي، فعندما انتقلت للإقامة في مصر جئت للدراسة أولا ثم بدأت في العمل، وهو ما وفقني الله فيه وفتح أمامي أبوابًا كثيرة.

فالمسيرة كانت طويلة وشاقة، إلا أنني فخورة بالفعل بها، حيث تعاونت مع كبار الملحنين والفنانين أمثال منصور الرحباني في المسرح الغنائي، والفنان كاظم الساهر وبليغ حمدي وزياد الرحباني رغم أنه لم يلحن سوى لوالدته، وهذه إنجازات عديدة أفخر بها في مسيرتي، إلا جانب الجرأة في اختيار وخوض تجارب فنية لم يحاول سوايَّ الاقتراب منها.

*ما الجانب الفني الذي لا تزال لطيفة تشعر بالتقصير تجاهه حتى الآن؟
أعتقد أنني مقصرة في جانب التجارب السينمائية والدرامية والمسرح الغنائي، وأتمنى أن أستطيع تكثيف جهودي في هذا المجال خلال الفترة المقبلة.

*هناك غياب كبير للمسرح الغنائي في الوطن العربي بعد مشروع الرحابنة.. بم تُفسري هذا الغياب؟
بالفعل هناك غياب غير مفسر للمسرح الغنائي، لكن إحدى أمنيات حياتي أن تتبنى دار الأوبرا المصرية مشروعا ضخما للمسرح الغنائي يوازي مسرح الرحابنة.

*يسلب الفن من الإنسان بقدر ما يعطيه.. فما الأشياء التي سلبها الفن منكِ؟
بالعكس، لم يسلب مني الفن شيئا على الإطلاق، إنما وهبني أكثر مما كنت أتخيل، وأقول دائمًا لنفسي إني في نعمة كبيرة أحمد الله عليها.

*اعتدنا على لطيفة المتجددة.. فما الجديد الذي ستقدمينه لجمهورك في الفترة المقبلة؟
هناك العديد من المشروعات الغنائية التي أعمل عليها حاليًا، التي تتطرق لأشكال موسيقية جديدة لكن ما زلتُ في طور العمل عليها.

*عندما تزهد لطيفة العالم وتدخل في حالة حزن.. ما الأغاني التي تلازمها في تلك الفترة؟
أغاني وعالم وروح السيدة فيروز، فعندما أدخل عالم فيروز أستطيع نسيان العالم من حولي وأعود منه محبة للحياة مرة أخرى.

*تُقيمين في مصر ونَعتبرك مصرية رغم تونسيتك العميقة في نفسك.. فكيف تصفينها؟
مصر هي الحياة، والعالم دون مصر لا يساوي أي شيء في نظري.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية