رئيس التحرير
عصام كامل

المتهم الأول!


رغم ارتفاع نسبة الفقر في مصر، فإنها تبقى أقل من مثيلاتها في مناطق أخرى كالهند وباكستان والصين.. لكن ذلك لا يمنع أن نصف الأسر المصرية يرون أن دخولهم لا تكفي احتياجاتهم، حسبما ورد في أحد تقارير مركز معلومات مجلس الوزراء.. كما أن هناك سوء توزيع للدخل داخل أكثر تلك الأسر، التي تعجز عن إشباع احتياجاتها الأساسية، إذ يتم توجيه 44% من إنفاقها للطعام والشراب فقط.


الأمر الذي يعني بوضوح أن ثمة ارتفاعًا في أسعار الغذاء يخلق خللًا في معادلة الإنفاق، يطلق عليه "فقر القدرات الأساسية"، وهو الذي يحول دون تمتع أصحابه بحياة صحية مديدة، ومستوى كفء من التعليم والتغذية.. فماذا يتبقى للعلاج والتعليم والمواصلات؟!

كثرت الأرقام عن الفقر والفقراء.. لكنها رغم كثرتها شابها التناقض والالتباس والغموض، حتى أنه لا يمكن الجزم بصحة أي منها بصورة مطلقة.. لكن يبقى أن مصر ضمن 60 دولة أكثر فقرًا في العالم، وهو ما يجعل الفقر مشكلة معلوماتية إلى جانب كونه مشكلة واقعية بالأساس.

وإذا كانت الزيادة السكانية هي المتهم الأول بإعاقة التنمية والتهام حصادها أولًا بأول، وهو ما أكد عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي في الندوة التثقيفية للقوات المسلحة، جنبًا إلى جنب مشكلة الدعم.. لكن كيف يستقيم عقلًا ومنطقًا أن الأسر الأكثر فقرًا هي الأكثر إنجابًا؟!

إن الفقر كما يؤثر على الحالة الديموغرافية للأسر المصرية، يؤثر أيضًا على حالتها التعليمية والصحية، فيقل مستواها التعليمي وتزداد متاعبها الصحية على عكس الأسر الغنية.. الأمر الذي يعني أن الفقر سبب رئيسي في أغلب مشاكلنا المزمنة.. كما أن الزيادة السكانية بلا موارد تقابل معدلات تلك الزيادة، إشكالية كبرى تلتهم النصيب الأكبر من جهود التنمية.

ونحمد الله أن الحكومة أدركت خطورة ذلك، وتصدت له بحلول غير تقليدية، وضخ استثمارات هائلة في مشروعات عملاقة للبنية الأساسية، والتوسع في مشروعات الأسر المنتجة الصغيرة والمتوسطة لنقل هذه الأسر من مرحلة الحماية إلى التمكين.

ولا نزال في حاجة لجهد أكبر من الحكومة لتبني سياسة ضريبية عادلة، ولو بفرض ضريبة تصاعدية على ذوي الدخول الأكبر، ومحاربة التهرب الضريبي والاحتكار وجشع التجار، وأن تقدم القدوة من نفسها في ترشيد الإنفاق والتقشف والحد من الإسراف، والعمل على تقليل الفوارق بين الدخول، والتمسك بمبدأ العدالة في توزيع الثروة وعوائد التنمية، حتى يلمس المواطن جهود الإصلاح ويجني ثمار التنمية التي بدأت تتساقط على مصر، وسوف نراها يقينا في 2020 كما وعدنا الرئيس السيسي.


الجريدة الرسمية