رئيس التحرير
عصام كامل

هل آن الأوان لنفيق من غفلتنا؟!


في لحظة تأمل وتفكر فيما تمر به الأمتان الإسلامية والعربية، وما تعانيه غالبية شعوبها من ضعف ومهانة ومذلة وفرقة وشتات وتشريد وجوع وفقر وغلاء وسوء أحوال في كل مجالات ومناحي الحياة، في الصحة والتعليم والثقافة والصناعة والزراعة وغيرها، بعدما تكالبت علينا الأمم كما تتكالب الأكلة على قصعتها، وأحاطوا بنا من كل جانب وخططوا ودبروا وتآمروا علينا في وقت نحن فيه كثر، ولكننا كما أخبر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بأننا قد أصابنا الوهن، وهو حب الدنيا ومخافة الموت..


في هذه اللحظة التأملية أجدني أتساءل لماذا وصلنا إلى هذه الأحوال السيئة المذرية الرديئة المؤلمة، ما الأسباب التي أوصلتنا إلى هذا الحال، وهل هناك مخرج مما نحن فيه أم سيظل الحال قائما وربما نصل إلى الأسوأ والأدهى والأمر، في الحقيقة الأسباب كثيرة ومتراكمة، الأصل فيها ابتعادنا عن منهج الله تعالى وشريعته وهدي النبي الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وعلى أثر ذلك ابتلانا الله بحكام وملوك وأمراء على مر سنوات عديدة لم يتقوا الله ولم يراعوه في أممهم وشعوبهم، كان كل همهم المحافظة على كراسيهم ودنياهم وشغلوا بجمع الدنيا وحرصوا عليها فخنعوا للغرب وعاشوا تحت عباءته..

ثم إننا انخدعنا بالحضارة الغربية فخلعنا أثواب عادتنا وتقاليدنا وانقدنا كالعميان وراء حضارتهم المزيفة، التي تدعو إلى الحريات المغلوطة، والتي ضاعت فيها كل القيم الإنسانية النبيلة، واختلط فيها الحابل بالنابل، ووقعنا في شبكة التقليد الأعمي، فأهملنا أسباب القوة والمجد والعزة والرخاء التي مصدرها ديننا الحنيف، فنبذنا كتابنا الكريم وتركنا سنة نبينا الكريم التي حوت كل أسباب السعادة في الدنيا والآخرة..

وعلي أثر ذلك خلعنا أثواب التقوي الواقية المنجية المفرجة والموسعة للأرزاق، كما جاء في قول الله تعالى: "ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب"، هذا ولقد أدركنا الخمس المهلكات التي أخبر عنها النبي الكريم صلى الله عليه وعلى آله وسلم وإليك عزيزي القارئ نص الحديث:

يقول عبد الله بن عمر أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن، لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا، ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا ما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم.

للأسف الشديد هذا هو حالنا، وها هو كلام نبي الرحمة ورسول الهدي بنور نبوءته قد تحقق، ولكن الفرصة قائمة والباب مفتوح للرجوع إلى الله ورسوله بالتوبة الصادقة وعقد النية الخالصة على التمسك بهدي الحبيب صلى الله عليه وسلم، والعمل على نبذ الخلافات بين أصحاب المذاهب، والتي زرعها الصهاينة الملاعين وأعداء الإنسانية والحياة..

هذا مع محاربة الفساد الذي استشرى وتفشى في مجتمعاتنا بقوة، والقضاء على المفسدين، ويجب أن نصبر أيضا ونتحمل حتى نفوت الفرصة على الذين يخططون لإسقاط مصر، وفي نفس الوقت يجب على قيادتها التي نحمل لها كل حب وإعزاز وتقدير أن ترعي محدودي الدخل والفقراء الذين تحملوا، وما زالوا يتحملون الكثير والكثير من أجل الحفاظ على الأرض والوطن..

ويجب استرداد الأموال المنهوبة من سنين، وتفعيل قانون "من أين لك هذا بأثر رجعي"، وأعتقد أن اللصوص معروفون جيدا لأجهزة الدولة.. هذا وللحديث بقية، اللهم اصلح أحوال العباد والبلاد.
الجريدة الرسمية