رئيس التحرير
عصام كامل

نورا عبد العظيم تكتب: قاهرو المستحيل بين الإرادة والتحدي

نورا عبد العظيم
نورا عبد العظيم

عند التحدث عن ذوي الاحتياجات الخاصة لابد من إلقاء الضوء على أن الإعاقة ليس إعاقة الجسد ولا العقل فقط ولكنها إعاقة الإرادة، فالتحدي الأصعب في الحياة هو مواجهة الذات، وليس الناس فكل فرد يعاني خوفًا ما ولكن من يتخطى خوفه، يصبح قادرًا على التغيير، فكيف لمن يعاني الإعاقة الجسدية أو العقلية، فقد لا يكون كالأصحاء، ولكن يمكن أن يتميز بقدرات إضافية أخرى، تجعله من أصحاب الإنجازات التي يقتدي بها الآخرون.


هذه حقيقة واقعة أثبتها قاهرو المستحيل من ذوي الاحتياجات الخاصة والذين تمكنوا من تحدي الإعاقة واستطاعوا بقدراتهم على التغيير وصنع المستحيل بعد أن تسلحوا بسلاح قوي وهو الإرادة ليصبحوا من الأوائل في مجالات العلوم المختلفة، بل ومن روادها؛ليؤكدوا أن الإعاقة لم تكن حجر عثرة في طريقهم، بل طريقًا لإثبات الذات والتميز والإبداع.

فعلي مر التاريخ الإسلامي نجد العديد من هؤلاء الذين ابتلوا بالإعاقة، ولكنهم أصبحوا مبدعين قدموا لأمتهم إنجازات لا تزال مؤثرة حتى اليوم ولعل من أشهر هؤلاء: "ترجمان القرآن الكريم" اللقب الذي أطلق على "عبد الله بن عباس" حيث عاني فقدان البصر ولكنه نهل من علم الرسول عليه الصلاة والسلام، وانكب على العلم والحكمة والمعرفة؛ ليلقبه عمر بن الخطاب بـ"فتي الكهول" فأبدع في العلم والفقه والرواية.

ومن أشهر هؤلاء الذين قهروا المستحيل وتركوا بصمتهم "الإمام الترمذي"، وهو من أصحاب السنن وعلم الحديث، ومن تلامذة "الإمام البخاري"، فقد كان كفيفًا، ولكن هذا لم يمنعه من التنقل بين الأمة الإسلامية طلبًا للعلم، وقد ألف عددًا من الكتب المميزة في علم الحديث والتاريخ والأدب، ومنها "أسماء الصحابة"، "سنن الترمذي"، "الشمائل المحمدية" والعديد من المؤلفات التي أثرت المكتبة العربية.

ومما لا شك فيه أن قهر الإعاقة نجاح كبير يتطلب إرادة قوية والتاريخ يعلمنا أن مواجهة الخوف والذات، كافية لتحقيق المعجزات فهذا الشاعر "بشار بن برد" يعد من فحول الشعراء في الأدب العربي في زمانه كان أعمي منذ ولادته، ولكنه كان شديد الذكاء تعلم الشعر والأدب ونبغ فيهما، وله مدرسة شعرية خاصة.

ومن أشهر من قهر المستحيل في العصر الحديث عميد الأدب العربي "طه حسين" الذي استطاع بإرادته القوية التغلب على فقد بصره منذ طفولته، فتعلم اللغة الفرنسية، وحصل على الليسانس والدكتوراه من جامعة السوربون، وألف العديد من المؤلفات في الأدب، والتاريخ، وفلسفة التربية، بل وترجمت مؤلفاته للعديد من اللغات الأجنبية.

ومن هنا نستطيع القول أنه ليس هناك إعاقة مع الإرادة والتحدي، فمهما كانت احتياجاتك فأنت مميز، لا يوجد معُاق وأنما هناك مجتمع مُعيق لذا فيجب أن نحطم العوائق ونفتح الأبواب من أجل المجتمع.
الجريدة الرسمية