رئيس التحرير
عصام كامل

«جوتشر وكوهين».. حكاية مومياوتين فرعونيتين بأسماء أمريكية

جوتشر وكوهين
جوتشر وكوهين

في القرن التاسع عشر كان الأمريكيون ميسوري الحال مهتمين باستكشاف الغرائب حول العالم، وكانوا يسافرون كل مكان للحصول على المقتنيات الأثرية، حتى أن بعضهم سافر لمصر لشراء المومياوات التي تتوفر بكثرة في أرض الفراعنة، والتي كان حينها يمكن شراؤها بسهولة، وبسبب وفرة الأموال لديهم تمكن بعض الأشخاص من شراء مومياوتين مصريتين مجهولتي الهوية.


مجهولة الهوية
عام 1895 سافر المواطن الأمريكي جون جوتشر إلى مصر، رغبة في شراء بعض الآثار المصرية، بسبب حبه الشديد لاقتناء هذه القطع لوفرة المال لديه، ومن ثم تمكن فعلًا من تنفيذ ما جاء مصر لأجله واشترى بقايا محنطة لأحد المومياوات المصرية القديمة، لكنها كانت مجهولة الهوية، ومن ثم اصطحبها إلى مدينة "بالتيمور" في ولاية ميريلاند القريبة من واشنطن".

وفي عام 1834 اشترى مينديس كوهين مومياء من مصر وعاد بها إلى بالتيمور أيضًا بغرض استكشافها، لكن محاولاته هو الآخر باءت أيضًا بالفشل، حتى أنه أورث المومياء للجامعة عند وفاته عام 1879.

محاولات عدة
قبل عدة قرون حاول الكثير من الباحثين فتح المومياء لكن باءت محاولتهم بالفشل، وبعد عدة قرون أصبحت تحفة فنية مهمة في متحف بالتيمور للفن ثم أصبحت ملكا لمتحف الآثار في جامعة جونز هوبكينز في جامعة ميريلاند.

موضع اهتمام
بعد أن استقر المقام بهاتين المومياوتين المصريتين في ضواحي العاصمة الأمريكية خلال القرن التاسع عشر، لم يعرف أحد لمن تعودان، وما هو المسمى الحقيقي لهما لكنهما ظلا موضع اهتمام من الباحثين، حتى تم أخيرا معرفة هويتيهما وتصوير ملامحهما بفضل التقنيات الحديثة التي لم تتوفر من قبل.

محاولة أخيرة
وفي عام 1979، تجمع فريق من علماء الآثار وعلماء التاريخ وأطباء عظام في مستشفى جامعة جونز هوبكينز لإجراء محاولة أخيرة لتشريح مومياء جوتشر، وبالفعل نجحت محاولتهم الأخيرة بفضل التقدم في التكنولوجيا.

وحرص الباحثين على إطلاق اسم صاحبيهما "مومياء جوتشر" و"مومياء كوهين" ليصبح اسما المومياوتين معروفين باسم من أدخلهم إلى أمريكا، ومن ثم قام فريق من الباحثين في جونز هوبكينز بتصميم صورتين لهما، وأصبحت متاحتين للزوار ضمن معرض "من أنا؟ تذكر الموتى من خلال إعادة بناء الوجه" في متحف الآثار بالجامعة، والذي من المقرر أن يتم افتتاحه في نهاية العام المقبل بحسب ما أكدته سانشتا بالاشاندرنان، مساعدة مدير المتحف والتي تقف وراء مشروع تصميم وجه المومياوتين.

سلالة مختلطة
ومكنت التقنيات الحديثة والتصوير المقطعي وبالتعاون مع مجموعة رائدة في مجال التحليلات الجنائية والدراسات الأثرية (فيس لاب)، الفريق من التوصل لعملية تصميم وجهيهما، والتي أكدت أنهما امرأتان تتراوح أعمارهما عند وفاتهما بين 45 و50 عاما، وهو متوسط عمر قدماء المصريين، لكنهم لم يتوصلوا للون بشرتيهما لذلك قررا تقديم الرسوم باللون الرمادي.

كما تبين أن المومياء "جوتشر" هي لامرأة عاشت في مناطق رملية في مصر الوسطى خلال العصر البطلمي، كونها تتميز بوجه طولي وعظام قوية، وقصر القامة وربما كانت تقوم بأعمال جسمانية صعبة، أو أنها كانت تعاني من سوء تغذية.

أما "مومياء كوهين"، لم يتمكنوا من معرفة الفترة الزمنية التي عاشت فيها، لكن بينت فحوص الأشعة المقطعية لجمجمتها أنها ربما تنتمي لسلالة مختلطة صحراوية وقوقازية، وكانت هذه السلالة منتشرة لدى المصريين القدماء.

رسالة للعالم
وأكدت سانشتا بالاشاندرنان، مساعدة مدير المتحف والتي تقف وراء مشروع تصميم وجه المومياوتين، إن هذا العمل هو فرصة لاخبار العالم أن لديهم مومياوتين لسيدتين مصريتين منذ القرن التاسع عشر، ولم نستطع رؤيتهما كشخصين حقيقيين سوى الآن.
الجريدة الرسمية