الاعتراف السعودي.. نهاية الأزمة أم بدايتها الحقيقية؟!
لا يمكن أن يصدر بيان النائب العام السعودي "سعود بن عبد الله المعجب" المفاجئ بالاعتراف بمقتل "خاشقجي" داخل القنصلية السعودية بإسطنبول إلا في حالتين لا ثالث لهما.. الأولي أن تكون قدمت للسعودية أدلة يقينية على الحادث.. وبات من الأفضل أن يتم إعلان ذلك بدلا من إعلانه بالأدلة من مكان آخر..
السعودية ربما فاجأت الجميع بالإعلان الذى جاء في الدقائق الأولى من صباح السبت، ولم يتم حتى الانتظار ساعات أخرى تكون الصحف ووكالات الأنباء قد عاودت العمل.. والاحتمال الثاني أن يكون الاعتراف والإعلان - وهو مناسب بتوقيت الولايات المتحدة- قد تم باتفاق شامل جري سرا خلال الساعات الماضية تتعهد فيه السعودية بمحاكمة عادلة للمتهمين، وتتعهد تركيا والولايات المتحدة بعدم المطالبة بتسليم المتهمين مع بعض الاتفاقات الفوقية التي لا علاقة لها بالقضية، وهي أكبر من التحقيقات ومن الأزمة كلها، وذكرناها كاملة في مقالنا قبل أسبوع بعنوان "سيناريو الخطر في أزمة خاشقجي"!
رواية المشاجرة وردت قبل أيام في أحد التسريبات التي نسبت لمصادر بالأمن التركي.. ونفتها السعودية.. ولا يعرف أحد هل هي حقيقية أم جزء من التفاهمات -الصفقة- التي أشرنا إليها وبما يشير هو أيضا إلى أمرين.. أنها تسربت مع بدء التفاهم على الاتفاق أو هي حقيقية فعلا.. وهنا تبدو تساؤلات مهمة:
أين جثة خاشقجي؟، السعودية يمكنها الاستناد في مشروعية محاكمته إلى وفاته داخل قنصليتها، وهي وفقا للقانون الدولي تعتبر أرضا سعودية ينفذ فيها القانون السعودي.. إنما تهريب الجثة والتعامل غير القانوني معها ستعتبره تركيا عدوانا على قوانينها، حتى لو تم عبر الحقائب الدبلوماسية السعودية التي يمنحها القانون الدولي حصانة لتسهيل المهام وليس للخروج عن القانون..
والتساؤل الثاني هو الإصرار السعودي طوال الأيام الماضية على إنكار المسئولية.. وهو قطعا سيستفز الإعلام الغربي غير المرتبط بالأجهزة الأمريكية (في حال وجود تفاهمات)..
التساؤل الثالث هو هل الإجراءات التي تتم داخل السعودية من إقالات بجهاز المخابرات وغيره تعبر عن ارتباك يجري، أم جزء أيضا من التفاهم ويتم بطلب تركي أمريكي؟..
الأسئلة كثيرة، يبقي أهمها على الإطلاق مدى التزام أمريكا بأي اتفاق، وهل ستسير الأزمة في مسارها محل التفاهم أم سنفاجأ جميعا بما قلناه بمقالنا السابق المشار إليه، والذي توقعنا فيه تصاعد الأزمة إلى حد المطالبة بتسليم متهمين لمحاكمتهم على أرض تركيا، والتي ستنتهي إلى أمرين.. إما رفض السعودية وهنا سنتجه إلى التصعيد والعقوبات.. أو تسليمهم واعتراف أحدهم أو بعضهم بتلقيهم أوامر عليا بذلك، وهنا إلى تصعيد أكبر لانتقال الاتهام إلى شخصيات أكبر!
الأيام بل الساعات المقبلة ستجيب، إلا أن التجارب تقول إنه لا أمان لأمريكا ولا للغرب عموما، وتوزيع الأدوار لعبة قديمة جديدة فما لا تفعله الحكومات يترك لوسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية على هيئة ضغوط تستجيب لها الحكومات في نهاية الأمر!
أخيرا.. كيف تعاملت مصر مع الأزمة؟ وكيف كان الموقف الأكثر موضوعية بين الدول العربية؟ للإجابة مقال مستقل!