حكاية خطاب بيجن السري بعد 70 عاما من إخفائه (فيديو)
لأسباب غير معلنة رسميا قرر رجال رئيس وزراء الاحتلال الأسبق، مناحم بيجن، إخفاء خطابه الذي ألقاه في الليلة التي تلت إعلان الأمم المتحدة زرع الكيان الصهيوني عام 1948 في أرض فلسطين، إذ قاموا بحذف الخطاب بعد وقت قليل من إذاعته في الراديو الإسرائيلي، معتقدين أنه لن يتم نشره أبدًا، إلى أن تم اليوم الجمعة الإفصاح عنه للمرة الأولى بعد مرور 70 عامًا على إلقائه.
البيع بـ25 ألف دولار
صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، ذكرت أنه للمرة الأولى اليوم الجمعة يتم الكشف عن تسجيل الخطاب التاريخي الذي ألقاه زعيم منظمة "الإرجون" الإرهابية، بيجن، في اليوم التالي لإعلان زرع الكيان الصهيوني في فلسطين، مؤكدة أن الخطاب الذي ظل سرًا لعقود من المقرر أن يتم بيعه قريبًا في مزاد باسم "كيدم" بسعر يصل إلى نحو 25 ألف دولار.
الصحيفة العبرية أوضحت أنه قبل يومين من بث خطاب بيجن وصل مبعوث عن قائد تنظيم "الهاجاناة"، ديفيد بن جوريون، إلى مقر "إتسل" أو منظمة "الإرجون" التي كان يرأسها بيجن وطلب مسودة خطاب بيجن بحجة تنسيق المواقف.
الخروج عن النص
وتقول الصحيفة إنه في ليلة السبت مايو 1948، في الساعة 8 مساءً، اتجه مناحيم بيجن نحو الميكروفون، وفي بث حي، حمل كلمته إلى الإسرائيليين بصوت متحمس في خطاب استمر نحو نصف ساعة، لكنه خرج عن النص المكتوب وأدخل العديد من التغييرات والإضافات، لكن بعد البث، قرر مقر الإرجون حذف التسجيل والإعلان عن نص خطاب بيجن المكتوب قبل البث.
خطاب بيجن الذي بدأه بافتتاحية حماسية مخاطبًا ما أسماه بالشباب العبري وجنود الاحتلال والمواطنين، جاء به وفقًا للتقرير أفكار أحادية الجانب فيما يخص التعامل مع العدو.
ومن ضمن ما جاء في خطاب بيجن: "أيها المواطنون نحن نقف في خضم المعركة، وتنتظرنا أيامًا أكثر صعوبة، لن نشتري السلام من أيدي أعدائنا على حساب التخلي عن استقلالنا".
الصحيفة أضافت، أنه لم يتم توثيق هذا الحدث المهم في الأدبيات التي تتناول زرع الكيان الصهيوني في فلسطين أو في كتابات بن جوريون، لكن ورد ذكره باختصار في كتاب مناحم بيجن بعنوان "الثورة".
حرب أهلية
اللافت أن وقتها كان هناك صراع دائر بين كل من بيجن وبن جوريون، كاد أن يشعل حرب أهلية بين الإسرائيليين وفقًا لوسائل الإعلام الإسرائيلية، وكان بيجن وبن جوريون طوال الوقت خصمان متنازعان، ووصل ذروة الخلاف بينهما حينما حصل رجال منظمة "الإرجون" بقيادة بيجن على سفينة قادمة من فرنسا بهدف تحميل مئات اليهود إلى فلسطين، وكانت السفينة محملة في الوقت ذاته بالمعدات العسكرية الثقيلة والتي تشمل نحو 5 آلاف بندقية، و450 مدفعًا رشاشًا، و5 عربات مصفحة، وآلاف القنابل الملقاة من الطائرات ونحو 4 ملايين رصاصة.
سفينة السلاح التي كانت تدعى "التالينا" وصلت في شهر يونيو من عام 1948 أي بعد شهر من إعلان قيام الكيان الصهيوني في أرض فلسطين، لذا كان رأى بن جوريون مغايرًا لبيجن واعتبر أن حمل السلاح لمنظمة مثل الإرجون سيسبب مشكلات عديدة للكيان الجديد.
وأكد بن جوريون أنه لا يجوز بأي حال السماح بتوزيع سلاح على اليهود في نطاق تنظيمات غير منضبطة ورأى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي فقط هو من يحق له حمل السلاح، لذا طالب بتفريغ كل السلاح الذي على السفينة وتسليمه إلى الجيش، خاصة أن بن جوريون أوعز بعد قيام دولة الاحتلال بتفكيك كل التنظيمات العسكرية الإرهابية مثل الإرجون وشتيرن وغيرها لتشكل نواة تأسيس جيش الاحتلال الجديد، ووافق مندوبو الإرجون على ذلك، وهو ما رفضه بيجن بشدة.
وعندما اقتربت السفينة من الشاطئ، طالب بن جوريون بتفريغها من السلاح وتسليمه للجيش، في المقابل أصر بيجن على أن يحافظ على جزء من السلاح بيد تنظيمه، ولم تكن حكومة الاحتلال مستعدة لتحمل ذلك، ورأت في طلب بيجن تمردًا.
19 قتيلًا
وعندما وصلت السفينة إلى شواطئ تل أبيب، وبعد أن صعد بيجن بنفسه على متن السفينة أعطى بن جوريون الأمر بمهاجمتها بالسلاح، اشترك رجال تنظيم "الهاجاناه"، ومنهم إسحاق رابين، في المعركة ضد رجال الإرجون، ودارت معركة بين التنظيمات الإسرائيلية المختلفة التي شكلت نواة جيش الاحتلال فيما بعد، وأسفرت الواقعة عن مقتل 19 يهوديا، 16 من منظمة الإرجون، و3 من الهاجاناه، وصرخ بيجن وقتها: "حرب أهلية.. مستحيل!".
لمشاهدة الفيديو اضغط هنا