برلمانيون: غياب العدالة أخطر من الإرهاب.. طالبوا الحكومة بإجراءات لتحقيق المساواة بين المواطنين وإقرار مبدأ «تكافؤ الفرص».. و«خليل» ونسبة الطلاق بلغت ٦٥% بسبب تدني الأوضاع الاقتصاد
المواطن يشعر بالمرارة والعدالة غائبة، هكذا عبر عدد من أعضاء مجلس النواب عن حال المواطن المصري، مؤكدين أنه رغم النصوص الدستورية التي تلزم الدولة بتحقيق العدالة في مختلف المجالات، وتطبيق مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين الجميع، فإن ذلك لم يتحقق على أرض الواقع حتى الآن.
من جانبه، قال النائب طلعت خليل، عضو مجلس النواب: إن المواطن لديه شعور بالمرارة؛ لأنه لا يتمتع بالعدالة بمختلف أنواعها، وأضاف: "من الناحية الاقتصادية، لا يشعر المواطن بالعدالة، حيث نجد أن التنمية تصب في صالح فئة معينة من المجتمع لا تتجاوز ٥%، والباقي لا يشعر بأي نسب نمو، كما أنه لا يحصل على أي امتيازات في تخصيص المشروعات أو الوظائف الكبرى، سواء تلك الفئة المعينة، حيث لا يوجد مناخ استثمارى ورواج اقتصادي، يشجع على تنفيذ مشروعات للحد من البطالة".
نسبة طلاق
وتابع: "من الناحية الاجتماعية، هناك مشكلات كبرى في المجتمع، حيث إن نسبة الطلاق زادت لتصل إلى ٦٥% من المتزوجين في آخر عامين، ما يشير إلى إصابة المجتمع بحالة من التفسخ بشكل أو آخر، وذلك نتيجة لغياب العدالة الاقتصادية والثقافية وغيرها من مختلف أشكال العدالة، حيث أدى ذلك إلى وجود جيل من الشباب لا يتحمل ضغوط الحياة، وليس لديه ثقافة، ولاعلم، ولا روح المبادأة، ولا حب العمل وتقديسه، وهي ظاهرة خطيرة، حيث لم يتم إعداد الشباب جيدا لمواجهة متاعب الحياة".
وأوضح عضو مجلس النواب أن هناك أزمة في العدالة القضائية؛ بسبب البطء في الفصل في القضايا، الأمر الذي يجعل المواطنين يلجئون للعنف، كما يجعل المظلوم مجبرا على قبول تهديدات الظالم للتصالح معه، وهو ما يعد من الظواهر الخطيرة التي تهدد المجتمع، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن العدالة في هيكل الأجور غائبة في مؤسسات الدولة، فهناك من يحصل على مرتبات ضئيلة جدا، وفي المقابل يحصل آخرون على عشرات الآلاف شهريا، بالإضافة إلى غياب العدالة أيضا في تلقى الخدمات، فكل شبكات المرافق في القرى والمدن تهالكت بعد مرور عشرات السنوات عليها، كما أن هناك قرى لا توجد بها خدمات حتى الآن، ولا يتم الاهتمام بها، ويتم تكثيف الاهتمام بالمدن الجديدة".
وحذر خليل من غياب تلك العدالة، قائلا: "بغياب العدالة نواجه حربا أخطر من الحرب على الإرهاب، فعندما يفقد المجتمع الثقة في مؤسساته، بالإضافة إلى أن وجود ظواهر اجتماعية عديدة يصبح المناخ العام مهيئا لتفشي مختلف أنواع الجريمة".
عدالة لم تتحقق
وحول دور كل من البرلمان والحكومة، أوضح أن عليهما مسئولية في ذلك، فالبرلمان يضع السياسة العامة للدولة، والحكومة عليها التنفيذ، متابعا بأن الحل لمواجهة تلك الأزمات يكمن في أن كل مؤسسة بالدولة تقوم بعملها، ووضع إستراتيجية عامة حقيقية، بعيدا عن الشعارات الرنانة لتحقيق العدالة.
أما النائب محمد العتماني، فيرى أن العدالة بمختلف أشكالها لم تتحقق ولو بنسبة ١ في المليون، متسائلا: أين تكافؤ الفرص بين الجميع المنصوص عليه في الدستور.
وتابع: "أهم محور في تحقيق العدالة هو المساواة، وهو ما لم يطبق، فالمرتبات تختلف وتتباين بشكل مبالغ فيه بين الجهات الحكومية وبعضها، حيث نجد موظفي مجلس المدينة يتقاضون ١٢٠٠ جنيه، وموظفي البنوك يتقاضون ١٠ آلاف، وموظفي هيئة قناة السويس عشرات الآلاف، وكذلك القضاة في بداية تعيينهم يتقاضون ١٥ ألف جنيه".
وأضاف:" تقاضي المدرسين مبلغ ١٢٠٠ جنيه يجعلهم مضطرون للدروس الخصوصية، وكذلك موظفي المحليات يجعلهم يضطرون للسرقة، وأيضا يضطر الأطباء لفتح عيادات خاصة، ولا يجوز بعد تعويم الجنيه الإبقاء على المرتبات ثابتة، في حين يتم زيادة معاش الوزراء ليصبح حده الأدنى ١٠ آلاف جنيه، وأغلبهم يكونون قادرين ماديا قبل تولى الوزارة".
وأوضح أن قانون التأمين الصحي يؤكد غياب العدالة، فرغم أنه حق دستوري، فإنه سيطبق على خمس مراحل، كل منها خلال ثلاث سنوات، فأين العدالة حينما يتم تطبيق التأمين الصحي الآن في ثلاث محافظات، بينما ينتظر عدد آخر 15 عاما.
واستطرد:" غياب العدالة يؤدي لحالة من الاحتقان في الشارع، واحذر من استمرار تلك الحالة، لابد من التدخل السريع لمواجهتها".
تطبيق الدستور
بدوره قال النائب عمرو الجوهري، عضو لجنة الشئون الاقتصادية بالبرلمان: إن هناك مشكلات عديدة تواجه تحقيق العدالة بين المواطنين، وخاصة العدالة الاقتصادية والاجتماعية، مشيرا إلى أنه حتى الآن لم يتم تحقيق الاستحقاقات الدستورية المنصوص عليها في الدستور والمتعلقة بالتعليم والصحة والبحث العلمي، والتي تتطلب تخصيص نحو ١٠% من إجمالي الناتج القومي للبلاد لتلك المجالات، أي ما يقارب ٥٠٠ مليار جنيه.
وأوضح الجوهري أن ذلك المبلغ لا تتمكن الدولة من توفيره، مادام هناك عجز في الموازنة بلغ في العام الحالي ٤٤٠ مليار جنيه، مشيرا إلى أن الحكومة تحاول زيادة الموارد، ولكنها تحاول ذلك من خلال زيادة الضرائب فقط، وهو ليس كافيا، حيث لا يجوز أن تعتمد الدولة على ٧٠% من مواردها من الضرائب، ولا يوجد دخل آخر لها سوى من هيئة قناة السويس، وأشار إلى ضرورة إعادة هيكلة الشركات الخاسرة، لتدر دخلا للدولة، والبحث عن موارد أخرى، موضحا أنه حال اعتماد الدولة على زيادة الرسوم والضرائب فقط، فسيبقى الوضع كما هو عليه، بل سيزيد تأثيره السلبي، وتساءل: "أين العدالة في كثافة الفصول بالمدارس، والاهتمام بتطويرها".
وأضاف: "بالنسبة للعدالة الاجتماعية، ما زال المواطن البسيط الذي تضرر من الإجراءات الاقتصادية يعاني من آثارها، بالإضافة إلى ماحدث من تلاشي الطبقة المتوسطة، لتصل نسبة الفقر إلى ٣٠ مليون فقير"، وحول العدالة الانتقالية، أكد أن إقرار قانونها تأخر، حيث كان مقررا وفقا للدستور أن يقر خلال دور الانعقاد الأول، متوقعا أن يتم إقراره خلال دور الانعقاد الحالي.
وقال النائب محمد بدراوى، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الحركة الوطنية: "من الصعب الوصول إلى العدالة المطلقة، ولكن هناك اختلافا نسبيا فيها، والملفات الاجتماعية صعبة في ظل الأمور التي نواجهها، حيث ينقص الملف الكثير، ويحتاج دفعة كبيرة"، وأضاف بدراوى: "هناك محفزات اجتماعية تقوم بها الدولة مثل برامج تكافل وكرامة والمساعدات الاجتماعية والرعاية الصحية، لكنها غير كافية في ظل وصول نسبة الفقر إلى ٢٧%، ما يعني أن نحو ٣٠ مليون مواطن تحت خط الفقر، وهو ما يتطلب جهدا كبيرا من الحكومة لكي ترفع دخل المواطن، حيث لم تصل العدالة الاجتماعية إلى كل تلك الفئات".
الملف الاقتصادي
وتابع:" بالنسبة للملف الاقتصادي، فهو يعد صلب تلك القضية، حيث كان يحصل المواطن على سلع مدعمة، وكان الاقتصاد كله مدعما، أما الآن فهو اقتصاد حر، موضحا أن ذلك التحول في آلية الاقتصاد يؤدي بالتأكيد إلى خلل، يتطلب اللجوء إلى برامج الدعم النقدي لتعويض العجز، لحين الوصول للتوازن".
ومن جانبه، أكد مرتضى العربي، عضو لجنة الثقافة والإعلام بالبرلمان ضرورة بذل جهود كبيرة من جانب الحكومة ليشعر المواطن بالحد الأدنى من العدالة، مشيرا إلى أن العدالة ليس في الملف الاجتماعي أو الاقتصادي فقط، بل في الجانب الثقافي أيضا، حيث لا توجد عدالة في توفير الخدمات الثقافية لكافة المواطنين بالمحافظات، مطالبا بالاهتمام بقصور الثقافة ومراكز تنمية الإبداع والمواهب الأدبية والثقافية.