رئيس التحرير
عصام كامل

«غذاء العالم في قبضة أباطرة البنتاجون».. وثائق مسربة: الجيش الأمريكي يستخدم حشرات كـ«سلاح بيولوجي» لتدمير المحاصيل في بعض الدول.. أمريكا تسعى للسيطرة على سلته.. وروسيا تدين استخدام

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

في وقت تراجعت فيه حدة الحروب التقليدية، تسعى القوى العالمية الكبرى إلى بسط نفوذها على العالم، والسيطرة على مجريات الأمور من خلال استخدام سلاح جديد هو سلاح الطعام، الذي تسعى من خلاله تلك القوى إلى تعزيز قوتها، وفرض هيمنتها، بل امتد الأمر لتدخل الدول الكبرى في تغيير جينات الأطعمة؛ للسيطرة على أغذية بعينها لا يمكن الاستغناء عنها، وأبرزها القمح والبقوليات.


وتعتبر أبرز المحاصيل التي لا يمكن لدول العالم الاستغناء عنها القمح، الذي يستهلكه 2.8 مليار شخص في 89 دولة، والأرز الذي يتناوله ما يزيد على 3.7 مليارات شخص، والقطن الذي بلغ نسبة استهلاكه خلال عامي 2017 و2018، نحو 120.4 مليون بالة، والذرة التي يتناولها 88 % من سكان الأرض، والطماطم وبلغ نصيب الفرد منها 25 كيلو جراما في العام، والبطاطس ويستهلكها 66% من دول العالم وقصب السكر، الذي وصلت نسبة استهلاكه إلى 174 مليون طن.

وحينما نأتي للدول التي تسيطر على محاصيل بعينها، وبالتالي البذور التي تصدرها للدول لزراعتها، نجد روسيا تعتبر عملاقة القمح، للدرجة التي جعلت بعض التقارير تصفها بأنها تدير قوة عظمى عبر الإمدادات الغذائية العالمية، فنجد أنها تحتل منذ فترة طويلة المركز الأول في إنتاج محصول القمح، وبلغ 85.8 مليون طن العام الماضي، ووصلت صادراتها منه نحو 27.8 مليون طن من القمح عام 2017، و45.3 مليون طن العام الجاري، كما أنها المصدر الرئيسي للذرة والشعير والشوفان للعالم مع أوكرانيا.

وتنتج الولايات المتحدة أيضا القمح، ولكن بنسبة أقل، وتصدره لعدد من دول العالم العربي، ومنها المغرب، وبلغ إنتاجها منه العام الماضي نحو 27 مليون طن، بالإضافة للفول الصويا الذي تتصدر أمريكا العالم في تصديره، وبلغ هذا العام 53.5 مليون طن، واستخدمته مؤخرا في حربها مع الصين، بعد فرض رسوم جمركية على تصديرها لها، والبطاطس التي بلغت قيمة صادراتها منها 7 مليارات دولار، كما تصدر 50% من إنتاجها من القمح.

أما الصين فتعتبر رائدة العالم في تصدير الطماطم، وبلغ نسبة إنتاجها منه 32.540 ألفا، كما تنتج بمعدلات تفوق أي دولة أخرى القطن، وتنتج 40 مليون بالة خلال 2018، والبطاطس والأرز وبلغ إنتاجها منه 27.8 العام الماضي، والقمح، وتصدر محاصيل لنحو 20% من سكان العالم، وتتصدر الهند زراعة الأرز وتنتج 43.20 مليون هكتار، وصدرت نحو 5.5 مليارات دولار منه العام الماضي.

وتتصدر إسبانيا إنتاج وتصدير محصول الخيار، وبلغ إجمالي الصادرات منه العام الماضي نحو 641.9 مليون دولار، في حين تأتي فرنسا في مقدمة الدول المنتجة للذرة وقصب السكر المستخدم في صناعة السكر، بعد البرازيل، وبلغ حجم التصدير العام الجاري 1.3 مليار دولار.

إلا أن الدول الكبرى لا ترضى ذلك، وتسعى لإعادة توزيع تلك الثروة الغذائية من جديد، وأبرزها أمريكا، وكشفت وثائق تم تسريبها من الجيش الأمريكي، وفقا لمعهد "جلوبال سيرش" للأبحاث بواشنطن، أن هناك خطة تسعى أمريكا بها للسيطرة على السياسة الغذائية للعالم، عبر نشر حشرات يتم حقنها بفيروسات تغير جينات النباتات والبذور، وتوجيهها لبلاد معينة من أجل استخدامها كسلاح بيولوجي يدمر المحاصيل التي تتفوق فيها الدول الأخرى، عبر تعديل الجينات بشكل يجعلها غير ملائمة للتربة المزروعة فيها، وهو ما سيدمرها، وبالتالي الإضرار باقتصاد الدولة المعادية.

وتتضمن الخطة أيضا تعديل بذور المحاصيل التي تتفوق فيها أمريكا، مثل الذرة وفول الصويا، من أجل زيادة إنتاجها، وتحسين جودتها وجعلها مقاومة للتغيرات الطبيعية المناخية المفاجئة، بما يضمن تفوقها في تصديرها لدول العالم، ورغم أن تلك الخطة لاقت اعتراضات كثيرة من العديد من الخبراء، لأنها تهدد الدول الأخرى، لأنه بالإضافة إلى الأضرار التي ستحدثها، فمن الصعب السيطرة عليها، لأن نقل الميكروبات والحشرات أمر لا يمكن التحكم به، إلا أن أمريكا مستمرة بها، بزعم تأمين أمنها القومي وحمايتها من الأضرار، التي قد تلحق بها من الدول التي تستورد منها المحاصيل كالبطاطس، وتوفير فائض في حال حدوث فيضانات أو جفاف أو تغير المناخ.

أمريكا لم تنكر الأمر، وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون): إن المشروع يتم استخدامه لأغراض سلمية، ولا ينتهك قوانين الأسلحة البيولوجية، في حين ذكرت وزارة الزراعة بأن علماءها جزء من الاختبارات التي تتم في مختبرات سرية بشأن ذلك الأمر، وتتضمن الخطة عدة مراحل، أولها حشرة "المن أو قملة النبات"، وهي حشرات صغيرة تتغذى على عصارة النباتات، ومنتشرة في كل دول العالم، ويتم حقنها بفيروس معين لنقله للنبات الذي تتغذى عليه.

المشروع المسمى بـ"دربا" تم إطلاقه عام 2016، وقدمه عالم يدعى ديفيد ريلمان، أستاذ الطب بجامعة ستانفورد، خلال فترة الرئيس السابق باراك أوباما، ورفضه العديد من الباحثين، بل هدد علماء أوروبيون بأن البدء به سيدفع الدول الأخرى للتباري في ذلك المجال، من أجل تأمين نفسها أيضا، ثم أسدل الستار عليه، ولكن تم تسريب وثائق سرية منذ فترة قريبة تؤكد العمل به.

وتعتبر شركة "موناستو" الأمريكية من أبرز الشركات، التي لها مجال طويل في إجراء أبحاث كيميائية على تعديل جينات النباتات والمحاصيل، وتعمل على الأمر منذ عام 1983، وهي من أكبر 10 شركات يعملون في ذلك المجال، عبر تطوير أدوية تحقن بها النباتات تساعد في تغيير جيناتها.

من جانبها، تحاول روسيا مواجهة الأمر، وإجراء تجاربها السرية أيضا، وتوجه في نفس الوقت إعلامها المتمثل في قناة "روسيا اليوم" ووكالة سبوتنك، للتركيز على مخاطر تعديل جينات النباتات والهندسة الزراعية للمحاصيل، والدفع برفض تلك الأبحاث، وأصدرت قانونا يمنع استيراد المحاصيل المعدلة وراثيا، وتخضع عملية الأبحاث على النباتات للحكومة الفيدرالية، التي تمولها وتشرف عليها مباشرة، وتجري أبحاثا متعلقة بتعديل المناخ الجوي، من أجل تحسين القدرة الإنتاجية للقمح عندها، وتتركز تلك الأبحاث على تكنولوجيا معينة تساهم في تعديل مناخ بعض المناطق، بما يساهم في زراعة النباتات التي تريدها، وحذر بعض الباحثين أن تلك التقنية التي لم ينشر عنها معلومات كافية نظرا لسريتها، إذا تطورت قد تؤثر على مناخ دول أخرى وتحدث خللا به.

"نقلا عن العدد الورقي"..
الجريدة الرسمية