رئيس التحرير
عصام كامل

محطات مهمة في الشراكة الإستراتيجية بين القاهرة وموسكو

الرئيس عبد الفتاح
الرئيس عبد الفتاح السيسي

يزور الرئيس عبد الفتاح السيسي غدا الإثنين، جمهورية روسيا الاتحادية لمدة 3 أيام، يلتقي خلالها نظيره الروسي فلاديمير بوتين، في قمة ستشهد بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين القاهرة وموسكو على جميع الأصعدة، ومواصلة التشاور والتنسيق المكثف حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، في إطار الشراكة الإستراتيجية بين البلدين والحرص على تعزيزها ودفعها للأمام.


ومن المقرر أن يلتقي السيسي رئيس الوزراء الروسي دميتري ميدفيديف، وكبار المسئولين الروس، للتباحث حول تدعيم العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، بما يلبي طموحات الشعبين الصديقين.

وفي إطار جهود تعزيز العلاقات البرلمانية والشعبية بين مصر وروسيا؛ من المقرر أن يلقي الرئيس السيسي كلمة أمام مجلس الفيدرالية الروسي بموسكو، وهو الغرفة الأعلى في البرلمان الروسي، علما بأنها المرة الأولى التي يلقي فيها رئيس دولة أجنبية كلمة أمام مجلس الفيدرالية الروسي.

وشهدت العلاقات المصرية الروسية نموا كبيرا عقب تطورات الأحداث بمنطقة الشرق الأوسط خلال الأعوام الماضية حيث سعت روسيا لبناء تحالفات جديدة وإعادة الصداقات القديمة، وتحديدًا مع مصر الدولة العربية الكبرى ذات التأثير الفعال بالمنطقة والعالم.

كما تسعى مصر في ظل قيادتها الجديدة إلى العودة لدورها الرئيسي في منطقة الشرق الأوسط والعالم، بقضاياه المتعددة والملحة، وتجلي ذلك من خلال بروز توجهات جديدة في السياسة الخارجية حيث تتجه مصر إلى تنويع علاقاتها الخارجية مع القوى الدولية كروسيا من أجل تعظيم الاستفادة وتحقيق المصالح المصرية.

من هذا المنطلق تطورت العلاقات المصرية الروسية خلال السنوات الأخيرة مع التأكيد على متانة وعمق العلاقات بين البلدين والتي تمتد إلى أكثر من 70 عامًا.

ولعل تطور العلاقة وقوتها مع روسيا في الآونة الأخيرة تعد إضافة حققتها ثورة 30 يونيو وانفتاح هذه العلاقة المصرية الروسية واتسامها بالحيوية والفاعلية، تعد رسالة للعالم لإعادة تقييم موقف صناع القرار وتعبيرًا عن قدرة مصر على التحرك.

ومصر وروسيا تربطهما تاريخ حافل من المواقف المشرفة على الساحة الدولية.

وفي هذا الإطار قام فلاديمير بوتين رئيس روسيا بزيارة إلى مصر يومي 9 و10 فبراير2015، بدعوة من الرئيس عبد الفتاح السيسي. وقد دعمت هذه الزيارة العلاقات القوية بين مصر وروسيا اللتين ما زالتا تلعبان دورًا قياديًا على الساحة الدولية في ظل أجواء من التوتر والغيوم التي تخيم على منطقة الشرق الأوسط بالنزاعات في ليبيا والعراق وسوريا واليمن، بينما تسيطر هذه الأجواء على أوروبا التي تشهد نزاعًا في أوكرانيا مما أثر على العلاقات الروسية الأوروبية.

بحث الرئيسان، خلال الزيارة سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، فضلًا عن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، كما تبادلا الآراء حول تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، وكذا الموقف في كل من سوريا وليبيا، إضافةً إلى سُبل دفع عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وكانت هذه الزيارة الأولى للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى مصر منذ عشر سنوات حيث سبقت له زيارتها مرة واحدة في أبريل 2005 كما أنها جاءت ارتباطًا بالمحادثات التي تمت بين الرئيسين أثناء الزيارة التي قام بها الرئيس السيسي إلى منتجع سوتشي بروسيا في أغسطس 2014.

كما حرص الرئيس عبد الفتاح السيسي على مشاركة القيادة والشعب الروسي بالذكري السبعين للنصر في الحرب العالمية الثانية وذلك في مايو من عام 2015 ثم عاود زيارة روسيا في أغسطس من ذات العام وتم خلال الزيارة الحديث عن توسيع التعاون بين البلدين في الكثير من المجالات بما في ذلك الطاقة الذرية وإنشاء منطقة صناعية روسية بالقرب من قناة السويس إلى جانب العديد من المشروعات الطموحة بين البلدين.

وحرص رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف على المشاركة في احتفالات مصر بافتتاح التفريعة الجديدة لقناة السويس حيث شهد هذا اليوم قيام التليفزيون الرسمي في روسيا بنقل كافة وقائع مراسم الافتتاح على الهواء طوال اليوم.

كما قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزيارة لمصر يوم 11 ديسمبر 2017 حيث تعتبر هذه الزيارة هي الثانية من نوعها في غضون عامين فقط وتم خلالها التوقيع على عدد هام من الاتفاقيات بما في ذلك اتفاق الضبعة إلى جانب إعطاء الضوء الأخضر لإمكانية استئناف الطيران المباشر بين البلدين بعد انقطاع استمر لأكثر من عامين بسبب حادث سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء.

كما يحرص الرئيس الروسي على تبادل الاتصالات الهاتفية المنتظمة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتبادل وجهات النظر فيما يخص أهم قضايا الشرق الأوسط والعالم.

وتنظر روسيا لمصر على اعتبار أنها مركز صناعة القرار في الشرق الأوسط رافضة كافة مساعي نقل مركز الثقل التقليدي للمنطقة إلى الأطراف الأخري وهي تؤكد هذه النظرة في كل المناسبات.

وأبدت روسيا موقفًا مؤيدًا لثورة 30 يونيو وما تلاها من تطورات بما في ذلك كافة محطات خارطة الطريق، ومن هذا المنطلق فإن روسيا تؤيد عودة مصر بقوة إلى الساحتين الإقليمية والدولية، وتدعم مشاركتها في كافة المبادرات الإقليمية، وتقاوم أي محاولة لتهميش الدور المصري وهوما برز جليا في الأزمة السورية وأزمة غزة والذي وصل للمطالبة بضم مصر للرباعية الدولية لتفعيل دور الأخيرة.

وشهدت العلاقات السياسية بين البلدين طفرة عقب ثورة الثلاثين من يونيو تمثلت في زيارة وزيري الخارجية والدفاع الروسيين إلى مصر يوم 14 نوفمبر 2013، وزيارة وزيري الخارجية والدفاع المصريين إلى روسيا يومي 12 و13 فبراير 2014، حيث تم عقد المباحثات السياسية بصيغة »‬2+2»، بما يجعل مصر هي الدولة العربية الوحيدة التي تبنت موسكو معها هذه الصيغة التي تتبناها روسيا مع خمس دول أخرى هي الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة واليابان، وأعقب ذلك حرص البلدين على عقد لقاءات هذه الصيغة بشكل منتظم سواء في القاهرة أو موسكو.

وعززت زيارات الرئيس عبد الفتاح السيسي لروسيا من العلاقة الإستراتيجية بين البلدين حيث عكست حرص البلدين على تبادل الدعم السياسي على المستويين الإقليمي والدولي في ظل ما يواجهه الطرفان من تحديات خارجية وداخلية تستهدف النيل من الاستقرار السياسي وتهديد الأمن القومي لكليهما وتشاركهما في رؤية موحدة في مواجهة الإرهاب وتحقيق مصلحة مشتركة في دعم النمو الاقتصادي في البلدين.

الجريدة الرسمية