لماذا لم يفهم جمهور يوسف الشريف «بني آدم»؟
يوسف الشريف، لا شك أنه فنان من طراز خاص، استطاع أن يصنع لنفسه شكلا وقالبًا مميزًا ارتبط به الجمهور على مدى السباقات الرمضانية المنصرمة، والذي اعتاد منه الجمهور على الإبداع سواء في الأداء أو الحبكة الدرامية إلى نهاية العمل.
بعد غياب دام قرابة الـ9 سنوات ليوسف الشريف عن السينما منذ أن قدم فيلم "العالمي" في 2009، عاد ليشارك في ماراثون عيد الأضحى السينمائي بفيلم «بني آدم»، ولم يكن يوسف الشريف يريد لنفسه أن يخرج عن دائرة الغموض التي أحاط بها نفسه في الأعمال الدرامية والتي بلا شك حققت نجاح منقطع النظير.
إلا أن حالة من خيبة الأمل صدمت جمهور يوسف الشريف بمجرد الانتهاء من مشاهدة فيلمه، وإن كان دافع الجمهور في الاستمرار بمتابعة العمل لنهايته الرهان على حبكات ونهايات يوسف الشريف، التي تصلح ما حدث خلال العمل "السينمائي/ الدرامي".
ولا شك أن بداية الفيلم كانت مبهرة وجذابة، استطاعت جذب الجمهور لمتابعة التطورات في حياة البطل رجل الأعمال المستقيم ظاهريًا ولكنه في الحقيقة هو زعيم لأكبر عصابات السطو المسلح والقتل والنصب والتزوير، وما أن انتهى مشهد السطو على البنك حتى بدأت الأحداث تسير بوتيرة رتيبة بطيئة ويقع الخطأ الذي لم يحتاج لناقد فني أو سينمائي لإدراكه ولكنها عين المشاهد العادي شعرت به.
أربعة تساؤلات، تشملها السطور التالية، إذا أجاب عنها يوسف الشريف لأخرج لنا عملا فنيا رائعا متكاملا، دون ملل أو صدمة قد تخسره قدرا لا بأس به من جمهوره، وتجبره على العودة مرة أخرى إلى الشاشة الفضية، مكتفيًا بالأعمال الدرامية خلال شهر رمضان دون المجازفة مرة أخرى في دور السينمات.
التساؤل الأول
بدأت حياة أدم في الاضطراب بعد تدخل الشرطة من خلال العقيد ممدوح (أحمد رزق)، نتيجة الخلاف بين آدم (يوسف الشريف) وخالد كمال (القط)، وهنا يظهر التساؤل الذي طرحه الجمهور، كيف لآدم الذي استطاع خداع زوجته لأعوام والمجتمع ككل دون أن يعرف أحد حقيقته الإجرامية أن يكون مكشوفًا لأفراد عصابته بهذه الطريقة الساذجة، حتى أنه مع أول خلاف بينه وبين أحد أفراد العصابة استطاع الأخير الإبلاغ عنه.
التساؤل الثاني
هنا الزاهد ابنة زعيم العصابة "الأستاذ" الذي لعب دوره الفنان محمود الجندي، لم تكن مفهومة رغم أنها شخصية محورية، وساهمت بشكل أو بآخر في قلب أحداث الفيلم، ولكن أكثر من جانب لم يستوعبه الجمهور، هل هنا الزاهد الفتاة المدللة التي تقضي حياتها بين الخمور والمخدرات والسهرات الحمراء إلى هنا الوضع مقبول إلى أن تصف هنا الزاهد والدها بـ «البخيل المعفن»، فكيف أن يكون والدها بهذا البخل وهي تنعم بكل سبل الترف من سيارة أحدث موديل وسهرات وغيرها.
النقطة الاخرى وليست الأخيرة في دور هنا الزاهد، كيف تعرفت على القط (خالد كمال) واستطاعت تجميع كم من الرجال لمواجهة مسلحة ضد والدها وبدت في ذلك المشهد أنها صاحبة (قلب ميت) ولكنها مع أول عيار ناري أطلق كانت أولى المختبئين في حالة من الرعب والهلع.
كذلك علاقة هنا الزاهد بيوسف الشريف التي لم تكن معروفة ولا واضحة للجمهور هل كانت تحبه؟! إن كان نعم فلماذا تتفق مع عدوه بل وتسلمه للداخلية عن طريق اعتراف مسجل له معها، وإن كان لا.. فلماذا كل هذا التتبع له ولزوجته (دينا الشربيني).
التساؤل الثالث
الفنان بيومي فؤاد لا شك في قدراته التمثيلية، إلى الجانب الإطار الذي اتخذه لنفسه في الفيلم بعيدًا عن الجانب الكوميدي الذي عرف به في كل أعماله، وقد نجح وتفوق على نفسه في جعل الجمهور يرسم له أكثر من شخصية ما بين المعالج النفسي أو وكيل النيابة الذي يحقق مع آدم ليظهر في نهاية الفيلم أنه مدرس كان يدرس له في الملجأ منذ زمن.
السؤال هنا ما الفائدة من دور بيومي فؤاد؟.. المفترض أن يكون دوره توضيحًا للأجزاء التي لم تظهر في أحداث الفيلم، إلا أنه مع الأحداث يظهر الحوار بين بيومي فؤاد ويوسف الشريف لم يظهر ولم يضف أي جديد للمشاهد غير أنه يعيد سرد الأحداث المعروضة.
التساؤل الرابع
مشهد النهاية الذي ظل آدم طيلة الثلث الأخير من الفيلم يمهد له من خلال الانتقام من الأستاذ جزاء قتل زوجة آدم، ولكن جاءت النهاية مخالفة للتوقعات –كعادة يوسف الشريف-، ولكن ما لم يكن مقبولا أن جميع أبطال الفيلم ماتوا في نهاية الثلث الثاني من العمل، حتى أن ظهور زوجة الأستاذ في أحد المشاهد لم يكن له أي داع أو مبرر درامي يرضي الجمهور.
وفي النهاية قد يكون يوسف الشريف أراد أن ينافس في الماراثون السينمائي بفيلم فلسفي عميق من الدرجة الأولى يرصد من خلاله الصراع الداخلي بين الخير والشر، إلا أن ذلك لم يظهر واضحًا عند مشاهدة الفيلم، قد يرجع لعدة أسباب الحبكة الدرامية التي لم يتمكن القائمون على العمل من الإمساك بها جيدًا أو المدة الزمنية للفيلم لم تسمح لهم بتوصيل الرسالة كاملة.