رئيس التحرير
عصام كامل

على رصيف مستشفى أبو الريش.. حكايات من قلوب «موجوعة» (فيديو)

فيتو

«ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» كلمات يرددها كل من يمر أمام مستشفى الأطفال الجامعي «أبو الريش»، عندما يرى مأساة أهالي الأطفال المرضى وهم يفترشون رصيف المستشفى.. آباء وأمهات جاءوا من مختلف أنحاء الجمهورية، داعين الله أن يجعل من «أبو الريش الجامعي» سببا في إنقاذ أطفالهم.


في معايشة إنسانية، رصدت «فيتو» حكايات أهالي الأطفال على رصيف أبو الريش الجامعي، فمع نهاية آذان المغرب، جلس البعض أمام باب المستشفى في انتظار خبر جيد يطمئنهم على ملائكتهم الصغيرة، والبعض الآخر ينتظر حصول ابنه على دور في غرفة العمليات الجراحية بالمستشفى.

ولأنهم لا يمتلكون محل إقامة بالقاهرة، واضطرتهم وحشية المرض المتمكنة من أبنائهم لترك بلادهم، أصبح رصيف المستشفى مأواهم الوحيد، ملجأهم الذي لا غنى عنه، في انتظار دورهم، فلا يمكنهم الرحيل الآن حتى لا تفوتهم الفرصة إن سُنحت لهم.

«الحاجة سهام» سيدة في العقد الخامس من عمرها، تأمل في الحصول على علاج لحفيدها الرضيع: «جيت المستشفى يوم الخميس اللي فات، ودخلوا بنتي وطفلها لوحدهم، ورفضوا يدخلوني معهم، بنتي عندها سكر كان هيغمى عليها من الزحمة، وكنت خايفة حفيدي يتسرق أو يتخطف».

لم تنته معاناة «الحاجة سهام» عند سوء المعاملة، لكنها امتدت إلى مشكلات أخرى مثل الاضطهاد وقوائم الانتظار الطويلة: «حفيدي عنده فتاء ومزق شرجي، محتاج عملية ضروري، قالوا لي إني المفروض استنى خمس أو ست شهور عقبال ما يجي دوري في الجراحة المجاني، أو إني أروح القسم الاقتصادي وادفع 2500».

مشكلة «الحاجة سهام» لم تتوقف أيضا عند مصروفات العملية، والتكاليف المادية لها، لكنها وصلت إلى إهمال موظفي المستشفى الذين أضاعوا أوراق الطفل: «اتفاجئت انهارده وأنا رايحة أحدد موعد العملية، إن ورق كشف الطفل ضاع منهم، ومضطرة أعمل كشف اقتصادي مرة أخرى بـ85 جنيه الحد الجاي، بالإضافة إلى إجراء تحليل الدم والبول والأنميا، وكله على حسابنا».

على جهة أخرى من رصيف أبوالريش، جلست السيدة «فاطمة عبد العزيز»، التي تعتبر من «المقيمين على الرصيف» منذ عدة أشهر: «أنا بنام في الشارع بقالي شهور، معايا بنتي الطفلة دي عندها 12 سنة، مالناش بيت، جوزي طردني بره البيت من أكتر سنة، وباع البيت، وطلقني ورماني في الشارع من غير نفقة ولا إقامة ومعنديش حد، جيت من الشرقية على السيدة زينب، وهدومي اتسرقت، واتبهدلت وبستخدم حمامات المحال أو حمام المستشفى».

مخاوف «فاطمة» لم تكن في توفير لقمة العيش أو حماية الملابس أو حصول على «حسنة» من أهل الخير بالسيدة زينب، لكن مخاوفها امتدت لأشياء أخرى: «بنام مفتحة عين ومغمضة عين، لأن الشارع فيه مدمنين مخدرات وحرامية، بخاف على بنتي يعتدوا عليها، بنتي لسه بنت بنوت.. نفسي بس في أوضة فوق السطح أنام فيها لأن الشتاء داخل والمطرة والبرد جايين».

الحاج «رحمي دسوقي» من محافظة الشرقية، افترش الرصيف برفقة زوجته في انتظار إجراء حفيده عملية جراحة في العظام: «بقالنا خمس شهور منتظرين دورنا في العمليات، قالولنا العملية انهارده بالليل، والأمن هنا معاملته وحشة، لازم مرافق واحد مع الطفل، وحتى تليفوني اتسرق في المستشفى ومفيش كاميرات ولا استراحة نعقد فيها».

يطالب «الحاج رحمي» إدارة المستشفى وإدارة قصر العيني، وجامعة القاهرة، بتوفير استراحة مجانية لأهالي المستشفى أو بأسعار رمزية: «أنا مش فقير، إحنا صحيح فلاحين لكننا ولاد ناس، لكن أنا مضطر أنام على الرصيف، معنديش سكن في القاهرة، ومفيش استراحة، هنام في الشارع مع أسرتي لحد ما يجي دورنا».

يذكر أن جامعة القاهرة نجحت، منذ عامين، في توفير مأوى للكلاب والقطط الضالة التي تسكن الحرم الجامعي، ومنها «قطة إعلام، وكلب تجارة القاهرة»، كما أطلقت الجامعة أسبوع توعية بحقوق الحيوان والرفق بالحيوان بالتعاون مع نقابة الطب البيطري وجمعيات الرفق بالحيوان، وألزمت العمال بوضع الطعام لهذه الحيوانات.

وطبقا للإحصائيات، التي حصلت عليها «فيتو» من وحدة جراحة أبوالريش، فإن قسم الجراحة بالدور الرابع في مستشفى أبو الريش الياباني به 33 سريرا جراحيا، و9 أسرة رعاية متوسطة، و3 أسرة رعاية مركزة، وأجرى القسم 1515 عملية، كما أجرى الأطباء 540 عملية تجميل، وغالبيتها عمليات سقف حلق شفة أرنبية سنويا، بالإضافة إلى علاج 300 حالة حديثي ولادة.

كما أجرى الأطباء 2500 عملية اليوم الواحد، منهم 450 عملية تجميل مجرى البول، كما يرعى الفريق الطبي 3500 حالة سنويا، وتم إجراء عمليات لما يقارب 7500 حالة، حيث يوجد 48 جراحا يرعون المرضى.

من جانبها، قالت الدكتورة رشا عمار، مدير مستشفى الأطفال الجامعي أبو الريش المنيرة، إن قوائم الانتظار محدودة لمدة شهر أو شهرين على الأكثر، مضيفة أن المستشفى تعاونت مع وزارة الصحة لتقليل قوائم انتظار العمليات ضمن خطة الدولة المصرية.

وأوضحت «عمار» أن قوانين المستشفى تسمح بمرافق واحد مع الطفل، مؤكدة أن الطوارئ تستقبل 2000 طفل، لذلك فالأعداد كبيرة ولا نستطيع أن نسمح بدخول أكثر من مرافق: «لو دخل مع 2000 طفل أكثر من مرافق واحد، ده هيعمل تكدس وزحام والأطفال هيتخنقوا من الزحمة».

وأكدت مديرة المستشفى أن الوحدات الاقتصادية في أبوالريش تعمل بسعر التكلفة وأسعارها زهيدة، مقارنة بالمستشفيات الأخرى والخدمات المقدمة، مشيرة إلى أن عملية استئصال اللوزتين تكلفتها 1000 جنيه فقط.
الجريدة الرسمية