تشريح الحالة النسوية عند جماعة الإخوان
منذ أن بدأت الديانات والرسالات، كانت هناك محاولات ناجحة لتهميش المرأة، وليس فقط في العالم العربي والإسلامي، فالمرأة شكلت عنصر استفزاز وتحدي للسلطة الذكورية على أكثر من صعيد، الصعيد البيولوجي فهي التي تنجب، وعلى الصعيد الاقتصادي فهي التي اضطرت إلى اختراع الآلة والزراعة، عندما كان الرجال منشغلين بالصيد وجمع الأخشاب للوقود.
فالمرأة من ناحية أنثروبولوجيا التاريخ، هي الأصل والمنشأ، لكننا على صعيد المجتمعات التي تدين بالديانات الإبراهيمية وغير الإبراهيمية، نجد صعوبة عند المشرعين اعتبار دورها مساويا للرجل، وتجد أنها تذكر على الهامش أو كحالات فريدة، ولا تجد في معظم الدساتير نصوصا واضحة قاطعة تتساوى فيها المرأة مع الرجل، وحتى اجتهادات المشرعين التقدمي والليبراليين والإصلاحيين قاصرة في ذكر الكلمة السحرية المساواة الكاملة في الحقوق والواجبات.
وحتى محاولات الإسلام الأولى منذ عهد النبي عليه الصلاة والسلام اصطدمت بحاجز التقاليد الصلب، وآخر وصية للنبي استوصوا بالنساء خيرا، فسرها المشرعون تبريرا للهيمنة والوصاية.
وعندما عين عمر بن الخطاب ليلى العدوية الملقبة بالشفاء على سوق المدينة، اتهم بمحاباة قريبته، لا لذكائه وكفائتها، ولشدة الحرب الاجتماعية التي أحدثها ذلك القرار، توقف تعيين النساء في المناصب العامة، ولم يعد إلا على يد سيف الدولة الحمداني، عندما عين مريم الأسطرلابية كبيرة العلماء ومستشار علمية له، لأنها تفوقت في علوم الفلك والرياضيات، عدا بعض المسئولين هنا وهناك صعدت شجرة الدر إلى سدة الحكم مصادفة، وفي ظروف خاصة، واللافت للأمر أن الفقهاء الحنابلة كانوا أول من بايعها، وتأخر المالكية، لكن ذلك مبحث آخر.
في العصر الحديث برزت ثورة 1919 كلمة للتغيير السياسي والاجتماعي في مصر، وكثير من أنحاء العالم الثالث، وبرزت هدى شعراوي لتحديها اليشمك وثقافة الحرملك، لكن ذلك لم يكن تغييرا ذا جذور اجتماعية، ويحتاج الأمر إلى حركة عسكرية لتحويل التغيير من ترف مخملي إلى عقيدة جماهيرية.
لكن نجد أن دور الحركات الإسلامية كان ملتبسا، فمن ناحية كانوا يدركون أنه لا بد من وجود لحركة نسوية ترف جماجم السياسي، لكن لم تتوفر لديهم القدرة على تحدي الموروثات والتقاليد، حتى أشهر إسلامية "زينب الغزالي" احتاجت إلى أن تكون امرأة حديدية، لتستطيع التأثير في ذلك الجمهور من عتاة الأصوليين، ولم تجرؤ على تكوين آراء فقهية تعمم تجربتها، فهي كانت تختلط بالرجال، وتحرم الاختلاط، مثل المرشد الذي كان يريد من جمال عبد الناصر فرض الحجاب، بينما بنات المرشد نفسهن سافرات، هذه الازدواجية والجبن الفكري هو ما خلق هذه الحالة شديدة الشذوذ في وضع المرأة في التنظيمات الإسلامية.