رسالة إلى عبد الناصر.. آخر ما كتبه سيد قطب بيده
تحت عنوان (قصة التحاقي بالجماعة) نشرت جريدة المسلمون اللندنية عام 1982 مذكرات سيد قطب (ولد 9 أكتوبر 1906 رحل 1966) التي كتبها بخط يده يحكي فيها قصة التحاقه بجماعة الإخوان المسلمين ومنها رسالته التي كتبها إلى جمال عبد الناصر قبل إعدامه فقال:
لم أكن أعرف إلا القليل عن الإخوان إلى أن سافرت إلى أمريكا عام 1948 في بعثة لوزارة المعارف، وقتل حسن البنا وأنا هناك عام 1949
لفت نظري بشدة ما أبدته الصحف الأمريكية والإنجليزية من اهتمام بالغ بالإخوان ومن شماتة وراحة واضحة من حل جماعتهم وضربها وقتل مرشدها، ومن حديث عن خطر هذه الجماعة على مصالح الغرب وثقافتهم في المنطقة حتى إنه صدر كتاب هناك بعنوان (التيارات السياسية والدينية في مصر الحديثة) لجيمس هيوارث.
كل هذا لفت نظري إلى أهمية هذه الجماعة عند الصهاينة والاستعمار الغربي فأصدرت كتابي (العدالة الاجتماعية في الإسلام) عام 1949 مصدرا بإهداء يقول (إلى الفتية الذين ألمحهم في خيالي قادمين يردون هذا الدين جديدا كما جاء، يجاهدون في سبيل الله لا يخافون لومة لائم ).
فهم الإخوان في مصر أني أعينهم بالإهداء ولم يكن الأمر كذلك لكنهم تبنوا الكتاب واعتبروني صديقا لهم.
ولما عدت نهاية عام 1950 بدا شبابهم يزوروني ويتحدثوا معي وأنا استغرقت عام 1951 في صراع بالقلم والخطابة ضد الأوضاع الملكية الفاسدة، إلى أن قامت الثورة.
استغرقت في العمل مع رجال الثورة حتى فبراير 1953 وفي الوقت نفسه توثقت علاقتي بالإخوان فكنت أجد فيها الحركة التي ليس لها بديل للوقوف في وجه المخططات الصهيونية والاستعمارية.
كنتيجة لكل هذه الظروف انضممت إلى جماعة الإخوان المسلمين عام 1953 بقسم الدعوة والنشر، أما الأعمال الحركية فقد ظللت بعيدا عنها.
وجاءت حوادث عام 1954 فاعتقلت وأفرج عني بعد شهرين، ثم اعتقلت بعد حادث المنشية بتهمة عضويتي للجهاز السري.
سافر أحمد حسين وزير الشئون في ذلك الوقت إلى أمريكا ولما عاد استقال من الوزارة وقام بتأسيس جمعية الفلاح التي من أهدافها تحقيق العدالة الاجتماعية للعمال والفلاحين، هللت الصحافة الأمريكية للجمعية مما يكشف وجود علاقة بين الجمعية والسياسة الأمريكية، وانضم إليها وزراء هم محمد صلاح الدين وزير خارجية حكومة الوفد، وعبد الرازق السنهوري وزير المعارف في وزارة السعديين وانضم إليهم الشيخ الباقوري.
توفي وقتها الوزير فؤاد جلال وكان وكيلا للجمعية وكان كل همه إشعال الخلاف بين رجال الثورة والإخوان مستغلا ثقة عبد الناصر.
كانت الجمعية تبث أفكارا كان يخفيها عني بحكم علاقتي برجال الثورة،المهم اعتبرت الجمعية منظمة أمريكية تهدف إشعال الخلاف بين رجال الثورة والإخوان.
ومنذ وقع حادث المنشية وأنا أشك في تدبيره إلا أن الجميع من أقارب محمود عبد اللطيف وهنداوي دوير كانوا مقتنعين أن المسألة غامضة.
كل هذا ملأ نفسي شعورا بالظلم الذي أصاب آلاف الأسر بناء على حادث واضح جدا تدبيره.