رئيس التحرير
عصام كامل

روح أكتوبر.. أين ذهبت؟!


لا شك أن ذكريات انتصارات أكتوبر وأمجاده تعيد تنشيط الذاكرة، بما كنا فيه من تحديات وآلام وانكسارات.. وكيف استطاع الإنسان المصري الشجاع التفوق حتى على نفسه ثم على عدوه المتغطرس، وأعوانه الذين أمدوه بالسلاح والعتاد والمعلومات الاستخباراتية وعلموه درسًا لن ينساه أبدًا.


والسؤال أين ذهبت تلك الروح التي أبهرت العالم كله.. لماذا فرطنا فيها ولم تنشأ عليها أجيالنا الجديدة، التي باتت تتخذ من مشاهير الفن وكرة القدم قدوتها ومثلها العليا؟!

للأسف انسحبت من حياتنا روح أكتوبر شيئا فشيئا، حتى صار حال إعلامنا وصحافتنا "مثلًا" على غير ما كانا عليه أيامها.. فقد لعبا دورا استباقيًا بالتمويه والخداع الاستراتيجي الذي رسمته القيادة السياسية قبيل الحرب، لتضليل العدو، فخاطبت الجبهة الداخلية بلغة والعالم الخارجي بلغة مغايرة، وهو ما خلق جوًا من التكتم والتعتيم انطلى على أعتى أجهزة المخابرات العالمية وقتها.

فضلًا عن "الموساد الإسرائيلي" حتى تكونت لديهم قناعة راسخة بأن مصر لن تحارب أبدًا، وهو ما مهد الطريق أمام قواتنا لصياغة ملحمة قتالية، هي معجزة بكل مقاييس العلوم العسكرية، توقف أمامها الخبراء بالإعجاب والفحص والدرس واستخلاص الفوائد.

كما كان إعلامنا وصحافتنا في طليعة المعركة تشد من أزر الرجال، وتسجل كأحسن ما يكون تفاصيل المعارك على الأرض، ومشاهد البطولة لحظة بلحظة، ليعلم أهل مصر والعالم أجمع كيف ضحى الرجال، وكيف تفوقوا وكتبوا بدمائهم الزكية أروع قصص البطولة والوطنية والفداء.

كان شعبنا وجيشنا وشرطتنا وقيادتنا مضرب الأمثال في الشجاعة والحكمة، والصمود والجرأة والتحمل والإخلاص وحب الأوطان، والكفاءة وعبقرية التخطيط ودقة التنفيذ، بروح قتالية لا مثيل لها، ولمَ لا والكل كان على قلب رجل واحد، والجبهة الداخلية موحدة ليس فيها خائن ولا متخاذل ولا مثبط.

كان إعلامنا على أعلى مستوى من المهنية والكفاءة والاستنارة والوطنية، فنال احترام الجمهور، وحفر مصداقيته بأحرف من نور في الذاكرة القومية، التي لا تكاد تعثر اليوم على شيء يسر في إعلامنا وصحافتنا، اللذين ساءت أحوالهما وفقدا عرشهما وتدهورت مصداقيتهما لدرجة محزنة.
الجريدة الرسمية