سماسرة الأثاث في دمياط.. المسئول الأول عن ركود السوق
مجموعة من الأشخاص إعتادوا يوميًا افتراش مداخل محافظة دمياط، ينتظرون قدوم رواد المحافظة راغبى شراء الأثاث الدمياطى.. مئات الدراجات البخارية تطارد سيارات الأجرة القادمة من خارج المحافظة، يحاولون التأثير عليهم وإقناعهم باصطحابهم في جولتهم التسويقية، لتيسير الحصول على الخدمات المطلوبة.
يفرغ "سمسار الأثاث" من مطاردته هذه حينما يتمكن من إقناع أحدهم، يتجول معهم لساعات طويلة بين معارض الأثاث، يكون دوره كدليل، بينما يقوم بالتأثير على "الزبون" للشراء من أماكن بعينها لغرض في نفس يعقوب، من هنا بدأت إمبراطورية "سماسمرة الموبيليا" بدمياط والتي بدأت في توزيع الزبائن على المعارض حسب أهوائهم ومصالحهم الشخصية، مطبقين مقولة "شخلل عشان تعدى".
تسببت تلك الظاهرة في تصدع حركة السوق الداخلى لتجارة الأثاث بدمياط، وذلك بسبب قيامهم ببعض المخالفات التي أحدثت تخوفات لدى زوار المحافظة من التعامل معهم، فتارة تجهدهم يقومون بجذب "الزبون" رغمًا عنه، وتارةً أخرى يتدخلون في بيع منتجات قليلة الجودة ولكن السبب الرئيسى هو قيامهم بتوجيه "الزبائن" إلى معارض بعينها ربما كانت قليلة الجودة وسيئة السمعة.
أيضًا تمكنت طريقتهم في التعامل مع زوار المحافظة في خلق أفكار غير صحيحة عن أبناء دمياط، فلم يَقدم أحد على التعامل معهم راغا في قضاء حاجته بعيدًا عن هؤلاء.
اشتكى أصحاب معارض الأثاث بدمياط من سيطرة هذه المجموعة على مجريات الأمور، مؤكدين قيامهم بفرض إتاوات على أصحاب المعارض نظير اصطحاب "الزبون"، مشددين على أن بعض الخارجين على القانون يمارسون تلك المهنة دون قيد أو تقنين، وطالبوا الدولة بالتدخل لحسم موقف هؤلاء وإنقاذ سوق الأثاث بدمياط من سيطرتهم.
وقامت قوة من قسم مباحث الأموال العامة بدمياط، بإلقاء القبض على 15 من "سماسرة الأثاث"، وذلك لقيامهم بممارسة عمل دون ترخيص، وكانت تلك هي الخطوة الأولى نحو تقنين أوضاعهم وتصدى الدولة لسيطرة هؤلاء على سوق الأثاث، والتي استمرت لسنوات عديدة، ربما تشهد تلك الأزمة حلولًا مقنعة للجميع في القريب العاجل.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل قامت قوة من قبل قسم أول دمياط برئاسة المقدم عماد معوض بشن حملة مكبرة استهدفت بعضًا من أعضاء تلك الإمبراطورية، والتي أسفرت عن ضبط 14 آخرين تم التحفظ عليهم بمقر القسم تمهيدًا للعرض على النيابة العامة لاستكمال التحقيقات.
كا قام الرائد مهاب حسن رئيس مباحث قسم ثان دمياط بضبط 6 آخرين في حملة أمنية بأحد الأسواق، والذي تبين بالفحص الجنائى تورط عدد منهم بقضايا متنوعة بينما كشف الفحص الجنائى وجود عناصر مسجلين بين أعضاء إمبراطورية السماسرة.
وفرض هؤلاء تسعيرة من الممكن تسميتها بالجبرية، على أصحاب المعارض فحينما يتم بيع أي من المعروضات يتم استقطاع عمولة "السمسار" والتي قدرها هو حسب أسعار الإمبراطورية، ومن يخالف تلك التسعيرة يتفاجئ بوابل من الألفاظ الاستهجانية والمشادات التي تصل إلى حد الشجار، ليفضل الجميع دفع العمولة دون اعتراض.
قد تكون تلك التسعيرة سببًا آخر في رفع أسعار المنتجات، الأمر الذي تسبب في نفور الكثير من زوار المحافظة مفضلين الذهاب إلى أسواق أخرى لشراء متطلباتهم.
لم يعد أبناء الصعيد يقومون بزيارة دمياط كسابق عهدهم، نظرًا لما يواجهونه من مطاردات من قبل "سماسرة الأثاث"، أيضًا تأثر أبناء الريف المصرى بهؤلاء ليفضل أبناء محافظات الدلتا العدول عن زيارة المحافظة والتسوق منها، لتتأثر حركة السوق إذ هرب أكثر من 35% من أبناء الصعيد والمحافظات الريفية خلال الأشهر الماضية والسبب تعرضهم لمطاردات هؤلاء.
وفى استطلاع للرأى قال محمود غالى، بائع في معرض أثاث، أن هؤلاء تسببوا في هروب زوار المحافظة، مشيرًا إلى أن البيع يتم الآن عبر صفحات التواصل الاجتماعى بناءً على رغبات "الزبائن" هربًا من السماسرة، موضحًا أن هناك صناعات أخرى تقوم على زوار المحافظة راغبى شراء الأثاث مثل الحلويات وغيرها من الأماكن التي تعمل على الوفود القادمة للمحافظة والتي تسبب هؤلاء في هروبهم.
بينما أكد محمود الباز عامل، أن ظاهرة سماسرة الأثاث لم تكن غريبة على المجتمع الدمياطى، مشيرًا إلى أن الاتهامات التي يواجهونها لم تكن منطقية، لافتًا إلى أن بينهم من يبحث عن "لقمة العيش"، مؤكدًا أنهم ليسوا جميعًا خارجين على القانون.
وأشار مصدر أمني إلى أن الأمر الآن تحت الدراسة، موضحًا أن المحافظة تبحث سبل تقنين أوضاع هؤلاء، للحد من تجاوزاتهم، لافتا إلى أن قاعدة البيانات التي سيتم توفيرها بعد التقنين ستسهم في تخفيف حدة هذه التجاوزات، وأوضح أهمية هذا الأمر لمحاسبة المخطئين وسهولة العثور عليهم.
حاولنا الحديث مع "سماسرة الأثاث" بدمياط، إلا أن القبض على مجموعة منهم تسببت في عدم رغبتهم الحديث معنا، ربما ينتظرون ما تسفر عنه الأيام المقبلة بشأنهم، ولكن حتى الآن تظل إمبراطورية "سماسرة الأثاث" باقية.