المنسيون في «المختون»!
إن الإدارة المحلية في جوهرها تستهدف خدمة المواطن، والتخفيف عن كاهله، وتوفير الحد الأدنى من آماله وطموحاته من خلال المرافق الخدمية، ولكن المشكلة التي سأسردها ببساطة تعني أن التفكير لم يكن خارج الصندوق، بل كان في قاعه.
إن عمليات التجديد للمدارس شيء إيجابي يستحق الثناء، بشرط أن يكون كل شيء مدروسا، وأن تكون هناك خطة زمنية واضحة لاستلام المباني من القائمين على أعمال الصيانة والتجديد، وإن كانت الخطة الزمنية تتزامن مع العام الدراسي فلا بد من توفير بديل مناسب، أو أن تتم عملية الإحلال والتجديد على أجزاء من المباني، بحيث يمكن استغلال بعض المباني من المدرسة لحين الانتهاء من الباقي، ولكن ما حدث في مدرسة عبد المالك عبد القادر بقرية "المختون" بديروط شىء غريب وغير مقبول.
هناك قرابة الألف تلميذ، هم تعداد تلاميذ قرية "المختون"، متوقفون عن الدراسة، حتى كتابة هذه السطور، والسبب أن عملية استلام المبنى بعد تجديده لم تتم، وأن قرار الإدارة التعليمية بديروط بنقل التلاميذ إلى مدرسة بقرية "مسارة"، التي تبعد نحو 5 كيلو متر عن أماكن إقامتهم لم يلقى قبول أهالي التلاميذ، بما أدى لعزوف مئات التلاميذ من الذهاب للمدرسة.
ولم يذهب للمدرسة البديلة سوى أبناء قرية "مسارة" المقيدين بالدراسة في مدرسة "المختون".
الإشكالية التي أجمع عليها أهالي القرية، وأتفق معهم فيها، أن أعمال التجديد لم يتم جدولتها بالشكل الذي يراعي موعد بدء الدراسة، ونحن هنا نثمن ولا نبخس من حق الجهة الألمانية المانحة، ولكن ننتقد سوء الإدارة من جانبنا، كما أن بالفعل انتقال أفراد في عمر الزهور من قرية لأخرى أمر مقلق لأولياء أمورهم.
المدرسة ليست مشكلة قرية "المختون" الوحيدة، فالقرية الواقعة بين مركزي ديروط والقوصية، تعاني من تدني الخدمات وغياب معظمها، فأهالي القرية معظمهم رواد للقرى المجاورة، للحصول على خدماتهم، بسبب غياب البنية الأساسية، وأعول كثيرا على محافظ أسيوط الحالي اللواء جمال نور الدين محافظ أسيوط، في إعطاء مزيد من الاهتمام بهذه القرية.
أعول كثيرا أن يكون هناك تنسيقا قائما بين الأجهزة التنفيذية ونواب الشعب، في تحديد أولويات التنمية المختلفة، في القرى الأكثر الاحتياجًا، ما زال الأمل معقودا أن نعطي مزيدًا من الاهتمام للعمل الميداني، ومكافحة الفساد بجميع الصور، ما زال العمل معقودا أن تتطهر الإدارة المحلية، وأثق في أجهزتنا الرقابية في المضي قدما لتنفيذ ذلك.
نعم عملية التنمية والإصلاح لابد أن تتم في مسارات عديدة، نبدأها بالقضاء على الفساد، ووضع خطط قابلة للتنفيذ وتحديد الأولويات، وليس هناك أسوأ من أن يتم البدء في مشروع، ويتم تركه دون الانتهاء منه، فمشروع الصرف الصحي في ديروط، وبدأ العمل به منذ عام 1997، وإلى الآن لم يتم الانتهاء من أعماله، ومعظم المعدات التي تم استخدامها على مدار 21 عاما تعرضت للتلف دون أن يبدأ المشروع.