رئيس التحرير
عصام كامل

منظومة خربة.. والأطباء يخطئون والقانون لا يعاقبهم!


لا شك أن النجاح الأكبر لأي حكومة أن تتمكن من استئصال شأفة الإهمال والفساد والبيروقراطية كشرط ضروري لتحقيق أي عدالة أو تنمية، حتى يتم تنفيذ مشروع التأمين الصحي على كل المواطنين الذي يتطلب سنوات عدة فإنه يجب النظر إلى المنظومة الطبية الخربة باعتراف وزراء الصحة أنفسهم..


وليس ذلك مقصورًا على مستشفيات الحكومة والتأمين الصحي فحسب بل إن المستشفيات الاستثمارية نفسها طالتها يد الإهمال الأثيم.. فماذا ننتظر ما دامت يد القانون مغلولة عن معاقبة المخطئين من الأطباء الذين حتى إذا عوقبوا فإن نقابتهم تكتفي بتوجيه اللوم لهم، أو لفت نظرهم أو الشطب فيما ندر وهو عقاب ضئيل إذا قورن بالجرم الذي يتسبب في إزهاق الروح وقتل النفس التي حرم الله قتلها ولو إهمالًا!

أما عن حوادث الطرق والقطارات فإن الأرقام تشير إلى أننا نحتل مرتبة متقدمة عالميًا في عدد الضحايا جراء الأخطاء البشرية القاتلة دون حسيب ولا رقيب ولا رادع.. تعددت أسباب الموت ومصائد الأرواح والنتيجة واحدة.. فمن آمن العقاب أساء الأدب.. وكم أتعب وزراء النقل المتعاقبون أنفسهم بكثرة تشكيل اللجان لبحث أسباب حوادث الطرق والقطارات وهي بالمئات، وكذلك أسباب خروج الأخيرة عن القضبان أو اصطدامها ببعضها البعض.. ولو كلفت الوزارة نفسها بالنظر في الدراسة الوافية التي أعدها الدكتور أسامة عقيل أستاذ الطرق بجامعة عين شمس ما وصلنا لتلك الحال المتردية في الطرق والنقل..

الطب في مصر يحتاج إلى وقفة مراجعة وتصحيح مسار وإصلاح تشريعي للقوانين الحاكمة للممارسات الطبية وكذلك إصلاح أحوال الأطباء جنبًا إلى جنب تحديث الأجهزة والمعدات والمباني وتطوير أطقم التمريض وسد العجز الصارخ في كوادرها.. حتى لا نفاجأ بثغرات ومعوقات عند تطبيق نظام التأمين الصحي الجديد الذي بدأ تنفيذه بالفعل في بورسعيد والقناة كمرحلة أولى.. وهو مشروع الأمل لشعب مصر.

آن الأوان لتدارك وكشف وملاحقة الإهمال والفساد اللذين يمثل السكوت عنهما مفسدة.. فما تتحمله الدولة والإدارة السياسية فاتورة باهظة ترهق الميزانية العامة وتُهدر موارد الدولة وفرصها في التقدم والازدهار.. فالاعتداء على نهر النيل مثلًا هو تخريب لصحة المصريين وما يلقاه النهر من تلوث عابر للمحافظات هو جريمة في حق المصريين جميعا، ووجود منشآت تصرف مخلفاتها في النيل حتى هذه اللحظة جريمة لا يصح السكوت عليها..

باختصار الإهمال والفساد داء عضال ينهش في جسد المصريين.. ولن تستطيع الحكومة وحدها مقاومته بل تحتاج المواجهة لإستراتيجية قومية وجهد مجتمعي متكامل تشارك فيه مؤسسات الدولة والمجتمع الأهلي.. إذا أردنا لبلدنا التقدم والازدهار.. فالفساد والإهمال باتا ثقافة مجتمع للأسف وتغييرهما يحتاج إى لتغيير هذه الثقافة جذريًا، ويحتاج إلى قدوة حقيقية في كل موقع وتوعية دينية وتعليمية وثقافية وشبابية خالصة لوجه الوطن.. حتى نتخلص من أخطر آفات العصر وأمراضه العضال.
الجريدة الرسمية