رئيس التحرير
عصام كامل

كبير مرشدى قناة السويس: عبد الناصر كان الصديق الصدوق لوالدى وكان يعقد اجتماعاته بمنزلنا

فيتو

  • سباق السباحة خدعة ناصرية لمعرفة  كيفية إدارة القناة 
  • اليونانيون لم ينسحبوا من القناة وظلوا في مساعدة المصريبن لإرشاد السفن 
  • عيد المرشد انتصار لإرادة المصريين وإنجاز دولى 

يعتبر عيد المرشد المصرى من الأحداث التاريخية التي مرت على مصر وتركت عليها بصمة وإنجازات مشرفة سجلت بحروف من نور بذكرى انتصار الإرادة المصرية في معركة تأميم قناة السويس في عام 1956، التي لم تكن أمرا سهلا على الدول العظمى، وخاصة بريطانيا وفرنسا وحلفاءهما التي كانت القناة تحت أيديهم وسيطرتهم في تلك الفترة، ليعملوا بكل الطرق على استرجاعها من أيدي المصريين، ولكنهم فشلوا بعزيمة وإصرار الشعب المصرى.

بعد مرور نحو 62 عاما على تأميم القناة يفتح لنا الربان "وسام حافظ " كبير مرشدى هيئة قناة السويس، خزائن ذكرياته التاريخية عن قناة السويس منذ أن كان صبيا نجل رجل عسكري صديق للرئيس الراحل "جمال عبد الناصر"  حتى صار ربانا وكبير مرشدى السفن بالمجرى الملاحى لقناة السويس، ووسط أوسمة ونياشين وشهادات تكريم التقت "فيتو" الربان وسام عباس حافظ داخل منزله المتواضع بمحافظة الإسماعيلية.


* في البداية حدثنا عن علاقة  الرئيس الراحل عبد الناصر بوالدك؟
صداقة  والدى الرجل العسكري بالزعيم الراحل "عبد الناصر" استمرت فترة طويلة، والاجتماعات السياسية كانت تتم لعدد من ضباط القوات المسلحة بمنزل العائلة بحى المطرية بالقاهرة برئاسة "الزعيم"  ولكن تم نقلها بعد ذلك لمكان آخر، ولم يكن أحد يعلم الطبيعة الأساسية لتلك الاجتماعات، وكل ما كان يقال إنهم كانوا يدرسون من أجل امتحانات الكلية الحربية.

* حدثنا عن معاملة الأجانب للمصريين داخل مؤسسسات الهيئة؟ 
أتذكر بألم ماحدث لى ولشقيقى عندما كنا في الثامنة، عندما أخذنا والدنا لنادي هيئة قناة السويس الذي كان يطل على المجرى الملاحى للقناة وتحت أيدى بريطانيا العظمى وقتئذ، وكان معظم رواده من الأجانب، ومن النادر وجود مصريين، فتركنى والدى بالنادي وغادر لتأدية بعض مهام عمله، فأخذت أتجول مع شقيقى الأصغر ووجدت النادي قسم نصفين، الجزء الأول أرضيته نظيفة وبه ورود مبهجة وألعاب كثيرة للصغار ومنظم والآخر غير نظيف بالمرة، والعبث به في كل مكان، والجزءان يفصلان بينهما سلك شائك، فلم نفهم وقتها طبيعة المكان، ومع كوننا أطفالا تجرأنا على الذهاب إلى الجزء النظيف الذي كان مخصصا للأجانب عكس النصف المخصص للمصريين، لنتفاجأ بضابط أجنبى يرهبنا بصوته العالى بعدم التسلق لتلك الأجزاء، لأشعر وقتها بالإهانة، ويزداد عندى شعور الغيرة على كرامتى وطردى من أرض وطنى، ليزداد الإصرار والعزيمة لدى من وقتها للأخذ بالثأر وطردهم من مصر، فمنذ نحو 50 عاما الأجانب طردونى من نادي الهيئة، وها أنا اليوم أشرف على مرور السفن من جميع أنحاء العالم بالمجرى الملاحى بنفسى.


* ماذا فعل«عبد الناصر» لتجنب غدر الأجانب؟  
عبد الناصر عندما قرر تأميم القناة  درس كل احتمال قد يحصل مهما كان كبيرا أو صغيرا، ووضع له حلا،  وكان من بين النقاط المهمة ومحل دراسة وقتئذ  طبيعة عمل المرشدين الأجانب  بالقناة، وكيفية تعاملهم مع السفن المارة،  وتشغيل القناة التي كانت تديرها فرنسا، وإذا بوالدى يقترح عليه تنظيم سباق سباحة بالقناة شكليا، ولكن هدفه الأساسى معرفة ما يقوم به الأجانب في القناة  بشكل خداعى، فوافق الرئيس على الاقتراح وتم تنفيذ السباق، وشاركت فيه، وكان ذلك قبل التأميم بسنة واحدة، ليظل 18 ساعة  من السويس وحتى بورسعيد، فكان كل متسابق يسبح مسافة 2000 متر ويستريح، ويكمل سباح آخر نفس المسافة حتى انتهى السباق، حتى انتهى ضباط القوات المسلحة من  مراقبة طبيعة العمل بالقناة، ومعرفة أسرار عمل المرشدين الأجانب، بداية من دخول السفينة حتى خروجها من القناة مع تغيير المرشدين، ليتم كل ذلك بدون دراية بحقيقة السباق المزعوم.

* ماذا حدث للقناة بعد انسحاب المرشدين الأجانب؟ 
الدول الأعداء في ذلك الوقت أرادت أن تحرج مصر دوليا، وإثبات أنها لن تقدر على إدارة القناة وإرشاد السفن العابرة للمجرى الملاحى، وكان عدد المرشدين الذين يقومون بالإرشاد في القناة قبل التأميم 205 مرشدين، تم سحبهم جميعا من موقع العمل، بالإضافة إلى الإداريين، وذلك في 14 سبتمبر. ليتم خلو المجرى من جميع الأجانب ماعدا اليونانيين مع العدد القليل من المصريين ، ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهى السفن، وفشلت مخططات فرنسا وبريطانيا العظمى في إحراج مصر دوليا  لتوقعها فشل مصر في إدارة القناة وإرشاد المصريين للسفن بالمجرى الملاحى، فالإرادة المصرية وعزيمة المصريين وتدريب مرشدين مصريين بمساعدة عدد من المرشدين اليونانيين المتبقين بالقناة ولم يغادروا، نجحت في عبور تلك المحنة بسلام ورفع رءوس المصريين أمام العالم.


* لماذا اختير الاحتفال بعيد المرشدين في سبتمبر من كل عام ؟
تحتفل هيئة قناة السويس خلال شهر سبتمبر من كل عام بعيد المرشد المصرى، وذلك لانسحاب المرشدين الأجانب من القناة، بعد التأميم في ليلتى 14 و15 سبتمبر، ليتحقق في ذلك الشهر إنجاز عظيم من إنجازات الشعب المصرى وسجل بطولاته الحافل بالكثير والكثير الذي رفع من مكانة مصر وشعبها.


* وماذا عن دور المرشدين في القناة  قديما وحديثا؟
دور المرشد في عملية عبور السفن للمجرى الملاحى لقناة السويس له أهمية كبيرة، حيث يقوم باستلام السفينة قبل دخول القناة على سبيل المثال قافلة الشمال، حيث يكون مسئولا عنها منذ دخولها من مياه البحر حتى دخول المجرى الملاحى في بورسعيد، ومن بورسعيد حتى وصولها إلى الإسماعيلية، ومن الإسماعيلية حتى محافظة السويس، وخروجها إلى مياه خليج السويس والعكس في قافلة الجنوب، ليتولى عملية الإرشاد والثبات وقوة الدفع، وفى حالة التوقف المفاجئ نتيجة عطل يقوم بشدها ويتم ذلك بمصاحبة عدد من القاطرات.



الجريدة الرسمية