الوسطاء لا يمتنعون !
أهم مشكلة تواجه اقتصادنا الآن ليست قلة الاستثمارات الخاصة ولا كثرة الديون المحلية، ولا معدل التضخم الذي ما زال مرتفعا رغم انخفاضه لأكثر من النصف.. وإنما هي كثرة الوسطاء في اقتصادنا.. في التجارة والاستثمار أيضا..لدينا الوسطاء لا يمتنعون، بل يزيدون وينشطون ويربحون الكثير على حساب المنتج والمستهلك معا، وعلى حساب الخزانة العامة، أي على حساب اقتصادنا كله.
هناك جهات لا تذهب مباشرة إلى الموردين لكى تحصل منهم على احتياجاتها، وإنما تلجأ إلى وسطاء بعضهم جدد في النشاط الإقتصادى ولا يفعلون شيئا سوى الحصول على الربح، مما يؤدى إلى زيادة تكلفة المشروعات، وبالتالى زيادة أسعار المنتجات والخدمات المختلفة.. وهذه الزيادة اما أن يتحملها كلها المستهلكون أو يتحمل قدرا منها خزانة الدولة إذا كانت هي التي تقوم بهذه المشروعات والاستثمارات.
أما في عالم التجارة فإن الوسطاء هم الطرف الذي يحصل على النسبة الأكبر من الربح، أكثر من المنتج نفسه. فهناك سلع ومنتجات يشتريها المستهلك بخمسة أضعاف السعر الذي يبيعها هذا المنتج.. وكل ذلك يكون على حساب المستهلك الذي يعانى بشدة من ارتفاع الأسعار.
وهكذا فإن المهمة الأساسية الآن لإصلاح أوضاع اقتصادنا، بعد كل ما قمنا به، هو إنقاذه من سطوة هؤلاء الوسطاء، الذين يقترن وجودهم عادة بالفساد.. أي إنهم يضروننا أكثر من مرة ويلحقون الأذى باقتصادنا ويعللون جهودنا لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة.