إنقاذ الإعلام!
كثيرة هي الأسباب التي تدعونا إلى إصلاح عاجل لإعلامنا، يتجاوز تغيير بعض الإعلاميين مواقعهم أو حتى اختفاء بعضهم، منها حالة الضعف والتوهان والتراجع التي أصابت إعلامنا، وأفقدته التأثير في الرأي العام بعد أن فقد ثقته.. غير أنه سوف يضاف سبب جديد إلى هذه الأسباب إذا صحت الأنباء التي تتحدث عن إطلاق إسرائيل باقة من القنوات الفضائية تتكون من ٢٤ قناة تتكلم بالعربية، وهو ما يعنى أننا سوف نكون معرضين لهجوم إعلامي مكثف ومركز من قبل إسرائيل، يضاف إلى الهجوم الإعلامي الإخوانى والقطرى والتركي.
وهنا يصبح إنقاذ إعلامنا من حالة التوهان والاضطراب والتراجع التي يعيشها الآن ضرورة وطنية، قبل أن يكون ضرورة مهنية.. فلن نستطيع مواجهة أي هجوم إعلامي نتعرض له إلا بإعلام قوى وقادر يحظى بثقة الرأي العام المصرى ليصدقه، ولا يصبح المصريون فريسة سهلة لما يبثه الإعلام الإسرائيلى أو الإخوانى ومن يساندون ويدعمون الإخوان..
وهذا يحتاج إلى إصلاح شامل للإعلام المصرى، لا يقتصر على ما نراه حاليا من تحركات إعلامية هي أشبه بالحركة في ذات المكان دون التقدم إلى الأمام.. إصلاح يستهدف أساسا استعادة إعلامنا مهنيته في الأساس، حتى يستطيع أن يستعيد ثقة الرأي العام.. وإصلاح يحدد لإعلامنا هدفا إستراتيجيا وطنيا كبيرا يسعى لتحقيقه، من خلال رؤية واضحة المعالم ومدروسة ومخططة..
وعلى أساس ذلك نحدد ما نحتاجه من قنوات فضائية وإذاعات وصحف ورقية ومواقع إلكترونية.. ونحدد أيضا نوعية ما نحتاجه من مواد إعلامية وصحفية، أو الرسائل الإعلامية التي نريد توجيهها للرأى العام.. وكذلك نحدد أيضا نوعية الصحفيين والإعلاميين الذين نحتاجهم.
باختصار الإصلاح الذي نحتاجه لإعلامنا وصحافتنا يجب أن يكون مزدوجا، مهنيا ووطنيا.. ثم يأتى بعد ذلك الإصلاح المالى والإداري لمؤسساتنا الإعلامية والصحفية.. وهذا الإصلاح بات ملحا، لأن تأجيله لأية أسباب، أو تحت أية دعاوى أو مبررات سوف يجعل الرأي العام المصرى مستباحا من إعلام الذين يتربصون بِنَا ويعادوننا.