حرب تكسير العظام في الكنيسة.. جبهة أسقفي طنطا وأسيوط تدير مخطط إزاحة الأنبا مكاريوس.. شائعات تقليص صلاحيات «أسد الصعيد» تكشف تفاصيل الصراع.. وغضب في المقر البابابوي من تحركات أسقف المنيا
«سيادة القانون وحرب تكسير العظام».. يمكن اختصار ما يحدث حاليا داخل أسوار الكنيسة الأرثوذكسية المصرية، وتحديدًا فيما يتعلق بأزمات إيبارشية المنيا وأبو قرقاص، فالأنبا مكاريوس، الأسقف العام للإيبارشية، دون أية مقدمات وجد نفسه في مواجهة مع قيادات كنسية كبيرة، حاولت– حسب التصريحات التي خرجت منها- الإشارة إلى أنه «المسئول الأول عن الأزمة»، في حين أنه يصر في كل أزمة أن تكون الكلمة الأخيرة واليد العليا لـ«القانون».
هل يعمل الأنبا مكاريوس ضد الدولة؟.. سؤال آخر فرضته الأحداث، لا سيما وأنه يريد أن يكون القانون هو الفيصل، لوأد الفتن بين الحين والآخر، وكتابة نهاية لهذه الأزمات، مع احتفاظه بالاحترام للدولة وقياداتها، إلا أن بياناته لا تروق أحيانا للكاتدرائية المرقسية، وتحديدًا عدد من قيادتها.
البيانات المحايدة التي يصدرها الأنبا مكاريوس، عقب كل أزمة تحدث في نطاق إيبارشيته، يشرح فيها ملابسات ما حدث، ويطلب في النهاية تطبيق القانون، تثير غضب سكان الكاتدرائية، رغم إعلان البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، أنه على تواصل مستمر مع أسقف المنيا لمتابعة ما انتهت إليه الأمور هناك.
بولا ومكاريوس
أزمة قرية دمشاو هاشم، التابعة لمحافظة المنيا، التي اشتعلت بعد تناقل شائعات تشير إلى نية أقباط تحويل منزل إلى كنيسة، وما ترتب عليها من هجمة بعض المتشددين على منازل أقباط القرية، والاعتداء عليهم، كشفت عن الغضب المكتوم في الكاتدرائية تجاه الأنبا مكاريوس، بزعم أنه يصدر المشكلات، ويضخمها في حين أنها أزمات عادية.
ملامح ما يمكن وصفه بـ«تكسير عظام» الأنبا مكاريوس، المُلقب بـ«أسد الصعيد»، بدأت تتشكل بعد خروج الأنبا بولا أسقف طنطا وتوابعها، بعد سنوات من الغياب، ليعلن تكليفه بمتابعة ملف أزمة قرية دمشاو هاشم، رغم أنها خارج نطاق اختصاصاته، بزعم أن هذه الأحداث مسيئة للبلاد في الخارج، ومن أجل هذا بدأ المتشددون في افتعال تلك الأحداث قبل رحلات الرئيس عبد الفتاح السيسي للخارج، وحضوره جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة تحديدًا.
الأنبا بولا في تعقيبه على أزمة القرية، أكد أنها تحتاج لصلاة وتعاون وتفاهم وتفاوض مع المسئولين في الدولة من كل الاتجاهات، متسائلا: لماذا يحدث في المنيا وحدها مثل هذه الأحداث «أكيد فيه أسباب» - على حد قوله.
لماذا المنيا
في السياق.. خرج الأنبا يؤانس، أسقف أسيوط، ليؤكد موافقته على ما طرحه أسقف طنطا وتحديدًا في سؤاله حول لماذا المنيا؟.. رغم أن بها 7 إيبارشيات، لكن الأحداث لا تشتعل إلا في نطاق خدمة الأنبا مكاريوس، مشيرًا إلى أنه يسيطر على أحداث مشابهة في دقائق حال حدوثها في أسيوط.
الأنبا يؤانس أكد أن ما يحدث في المنيا، يحدث في إيبارشية واحدة من بين 7 إيبارشيات، وعلل ذلك بأنه من الممكن أن تكون الأزمة في أصبع واحد من بين أصابع اليد، وهذا لا يعني أن اليد كلها تعاني.
حديث أسقفي أسيوط وطنطا، حمل تلميحات مباشرة إلى الأنبا مكاريوس، أسقف المنيا، حيث اختصرا الأزمة في إيبارشية المنيا وأبوقرقاص دون غيرها، والغريب في حديث الأنبا بولا أنه جاء بعد سنوات طويلة من الغياب، وهو ما فسره البعض أن الأخير يحاول العودة إلى المشهد مجددا، وكسب ود البابا تواضروس، لإيجاد دور في المرحلة المقبلة، في حين أن الأنبا يؤانس تحدث أيضا بعد إيفاده لاستقبال الرئيس السيسي في الولايات المتحدة، وهو ما فسره البعض بأنه يمارس دوره المعهود بالتقرب من أجهزة الدولة.
غضب البابا
مصدر من داخل البطريركية فضل عدم ذكر اسمه حيث إنه ليس مصرحا له بالحديث للإعلام، أكد وجود غضب في المقر البابابوي من تحركات الأنبا مكاريوس، لا سيما فيما يتعلق بالبيانات التي يصدرها، بزعم أنها تفسد العلاقة بين الدولة والكنيسة، وتصدر المشاهد السيئة التي تشوه صورة مصر في الخارج، مشيرًا إلى أن حديث أسقفي أسيوط وطنطا محاولة لإسكات الأنبا مكاريوس.
المصدر ذاته رجح أن تكون التصريحات هذه بداية لمخطط نقل أو انتداب الأنبا مكاريوس، بعيدًا عن إيبارشية المنيا، أو طرح بديل له في المنيا، خاصة أنه المرشح الأول للتجليس على إيبارشية المنيا بعد نياحة الأنبا أرسانيوس، مطران المنيا وأبوقرقاص.
وتوقع المصدر أن تقتص الكاتدرائية بعض مهام الأنبا مكاريوس، كنوع من التأديب، مثل إعفائه من الإشراف على دير وادي الريان، أو مجلة الكرازة التي يديرها، ومن الممكن أن ينقل في النهاية خارج مصر، للخدمة في إحدى الإيبارشيات في الخارج.
الأنبا مكاريوس، الأسقف العام للمنيا وأبوقرقاص، في حديث مختصر لـ«فيتو»، أكد أنه لم يتم إبلاغه بتولى الأنبا بولا ملف «دمشاو هاشم»، مرجحًا أن تكون الأحاديث المنشورة غير صحيحة، معللًا ذلك بأن قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، أكد في كلمة أمام أقباط الكنيسة في الولايات المتحدة، أن هناك تواصلا مستمرا بين الكاتدرائية والأنبا مكاريوس، للوقوف على تفاصيل الأزمة، والمتجدد فيها.
"نقلا عن العدد الورقي..."...