رئيس التحرير
عصام كامل

إعلام دون متلونين.. متى؟!


يحدونا أمل عريض أن تثمر جهود إعادة ترتيب البيت التي تجري الآن عن نتائج إيجابية في صالح الإعلام والمواطن والدولة معًا.. ونرى تغييرا حقيقيًا في الوجوه والمضمون، وتختفي الوجوه المتلونة التي أكلت على كل الموائد وتلونت مع العهود من أجل أجندات خاصة وخارجية.. لنجد إعلامًا تنمويًا يناقش بموضوعية شَواغلنا الوطنية والقومية وواجبات الوقت وما تستلزمه مرحلة البناء والبقاء..


إعلام يتسلح بالعلم والضمير الوطني والمهنية في مساندة الدولة والتحريض على التفكير والعمل والإنتاج والعلم ومكافحة الإرهاب والقضاء على الفساد والإهمال.. إعلام الخدمة لا إعلام السلعة الذي يوالي من يدفع أكثر ولا يصب إلا في صالح الأعداء بقصد أو دون قصد.

لا نملك ترف إضاعة الوقت في نقاش بيزنطي يطرح قضايا لا تفيد الوطن ولا المواطن في شيء.. فكيف تناقش برامج التوك شو مثلًا من وقت لآخر فكرة المصالحة مع جماعة الإخوان الإرهابية وهي الفكرة المرفوضة من الشعب أصلًا.. أليس حريًا بهذا الإعلام أن يعرض مخاطر الإخوان وجرائمهم وما تتسبب فيه أكاذيبهم وافتراءاتهم وشائعاتهم من إيذاء لمصر وصورتها في الخارج.

ربما يبدو صعبًا أن تعثر على قواسم وطنية مشتركة بين القنوات الفضائية مجتمعة فلم نجد مثلًا برامج أو حتى فقرات فكرية تعالج التطرف والإرهاب، أو كيفية إدماج أطفال الشوارع في المجتمع، أو تعرض بموضوعية أسباب الغلاء غير المبرر لبعض السلع وكيفية القضاء عليه، أو تبحث في أسباب العنف الأسري، أو شيوع بعض القيم أو السلوكيات السلبية في المجتمع مثل التواكل والأنامالية والاستسلام للخرافة والدجل وكيفية تحويلها لقيم إيجابية تبني الوطن بناء حقيقيًا.

ما نجده من قواسم مشتركة بين هذه القنوات هي للأسف قواسم سلبية، وأهمها غياب الموضوعية والمعايير المهنية المعتبرة عالميًا، والانشغال بتصفية الحسابات، وإثبات الوجود والارتداد للماضي والإغراق في المحلية ومخاصمة المستقبل، ومجافاة روح العلم وتكرار الموضوعات نفسها والوجوه نفسها التي لا تعبر إلا عن مصالحها أو مصالح صاحب القناة متجاهلة نبض الشارع ومصالحه..

ناهيك عن شيوع نمط الصوت الواحد في الفضائيات والبعد عن آمال المواطن وآلامه.. وهي الآفات التي أصابت الناس بالملل والإحباط فانصرفوا عنها وتركوها تنعى حظها.

ما أحوجنا لإعلام رشيد لا سلطان عليه إلا ضميره وميثاق شرفه، إعلام يلتزم بقضايا وطنه ويساير تطورات عصره واحتياجات مجتمعه وتحولاته الكبرى.. ولن يتحقق شيئا من ذلك بالوجوه القديمة التي أكلت على كل الموائد ولا بالطريقة العقيمة ذاتها بل بجيل جديد يدرك حدود مسئولياته ومقتضيات واجباته ورسالاته.

فهل ينجح ترتيب البيت الإعلامي في تجاوز إشكاليات وأمراض المهنة إلى ما ننشده من رشد ونضج وموضوعية وتنوير.. نتمنى.
الجريدة الرسمية