الأوامر المنسية من القرآن (23)
تختص أوامر الشعائر والعبادات الموجودة في القرآن الكريم بتنظيم العلاقة بين عباد الله وربهم سبحانه وتعالى، بينما تختص أوامر المعاملات بتنظيم العلاقة بين عباد الله وفي كل نواحي الحياة، وهذه الأخيرة تراجع اهتمام الناس بها لمصلحة أوامر العبادات والشعائر، فزادت الخلافات والمشكلات بين أفراد المجتمع الواحد وبلغت نسبة التقاضي بل والجرائم الجنائية حدا غير مسبوق، ومن أجل التنبيه لأوامر المعاملات كانت هذه السلسلة..
ونتوقف عند أمر بسيط جدا من رب العالمين ورد في الآية رقم 19 في سورة النساء حيث قال سبحانه "وعاشروهن بالمعروف"، وهو أمر مباشر وصريح لمعاملة النساء، وربما كان أكثر الأوامر المنسية على الإطلاق.. وقد تتسبب أمور كثيرة في الوصول إلى الطلاق كحل نهائي لكن ليس بسبب سوء المعاملة لا قبل الطلاق ولا بعده، ولو تحقق ذلك ما كان هذا العدد الكبير جدا من حالات الطلاق، ولا كان هذا العدد الكبير جدا من المشكلات والأزمات بعده بلغت حد اختطاف الأطفال وتهريبهم خارج البلاد وحرمان الأمهات منهم وحرمانهم من حنان أمهاتهم..
صحيح في المقابل هناك الكيد للزوج والتحريض ضده لكن هذه قصة أخرى سنتحدث عنها فيما بعد، ونستمر في تأمل قول العزيز الحكيم "وعاشروهن بالمعروف"، المعروف اختصارا كما تعودنا بعدم التفرع إلى تفاصيل كثيرة قد تشتت ذهن القارئ، نقول إن المعروف هو كل ما تعارف الناس على أنه خير!..
والسؤال: كيف ستكون الحياة بين اثنين فيها كل ما هو خير؟.. علينا أن نتخيل.. ثم جاء قدر الله ووصلت الحياة إلى طريق مسدود.. كيف سيكون الحال والأمور تتم بهدوء.. لا تعنت فيها ولا ظلم.. لا كيد فيها ولا تربص.. يخرج الشيطان منها ويبقى بعيدا فإن كان لها شيء حصلت عليه وإن كان القانون يمنحوها حق الحضانة حصلت عليه، لو فعلنا ذلك لراجع مئات الألوف مواقفهم ولتراجعت ملايين القضايا التي تعج بها المحاكم وساحات العدالة!
كم من عباد الله خالفوا أمر ربهم ولم يعاشروهن بالمعروف؟.. وكيف سيلقون وجهه عز وجل يوم نلقى وجهه؟.. وماذا سيقولون يوم لا ينفع مال ولا بنون؟.. أم إن الحياة أنست الكثيرين أخرتهم، وهيمن الشيطان على عقولهم حتى أنساهم دينهم ودنياهم؟!