إخوانا بتوع السبلايز!
أتذكر شنطتي المدرسية في نهاية الثمانينيات كنت أحتفظ بداخلها بكيس بلاستيك صغير كنت أضع فيه ساندوتشات الطعمية وأحيانا البيض أو الجبنة بل وأحيانا قد نتقاسم أرغفة العيش مع الزملاء والأصدقاء، هناك في إحدى قرى الصعيد الجواني كان أبناء التعليم المجاني يعيشون البساطة والعمق..
كانت المستلزمات المدرسية بسيطة لا تتعدى قلما جافا وآخر رصاص ومنقلة ومثلث بجانب الكتب المدرسية، أما الآن فقائمة المستلزمات المدرسية أصبح اسمها "السبلايز شيت" التي تضم في بنودها مكونات تفوق إمكانيات بعض المكتبات، لم نكن نعلم تلك التفاصيل والبنود المطلوبة، كان قبل مطلع الشمس يتحرك التلاميذ أفواجا في ضحك وفرحة ترتسم على الوجوه، كنا نخطو نحو 3 كيلو مترات سيرا على الأقدام ضحك ولعب للبدء في يوم دراسي جديد.
كانت الحياة بسيطة جدا فلم تكن حقائبنا بها "لانش بوكس" أو حتى "زمزمية مياه" كنا تعليما "مجانيا" لم نكن نعرف الدروس الخصوصية لكن عرفنا "مجاميع التقوية" التي كانت بأسعار زهيدة!
هناك في المدرسة الابتدائي لم يكن هناك مدرس يجبرك على دروس خصوصية أو شراء ملخصات، كان المصروف 10 قروش ثم ما لبث أن زاد لـ25 قرشا بعد ذلك كنا نشتري بهم عيش وطعمية وأحيانا "بخت" ولبان "علي بابا" أو اللبان السحري.
كنا نذهب للمدرسة قبل الموعد بساعات لنلهو ونلعب في المنطقة المحيطة بالمدرسة حتى إذا جاء موعد الطابور كنت دائم المشاركة في الإذاعة المدرسية، كان هناك تشجيع من المدرسين للمتفوقين فاشتركت في مسابقة أوائل الطلبة في الصف الخامس وكنت الأول على المدرسة في النصف الأول من الصف الخامس والثاني في النصف الثاني.
الوضع جد مختلف عن هذه الأيام فالمدارس أصبحت الآن أكثر هما وعبا على الأسر ومع تدهور أوضاع المدارس والعملية التعليمية بأسرها اتجه السواد الأعظم من الشعب إلى المدارس الخاصة التي تشهد زيادة في أسعار مصروفاتها، فضلا عن انتشار الدروس الخصوصية بدءًا من المرحلة الابتدائية!
في المرحلة الإعدادية كانت المدرسة بجانب المنزل وكانت الدروس الخصوصية تنحصر في اللغة الإنجليزية والرياضيات فقط، فلم يعرف جيلنا دروسًا في اللغة العربية أو العلوم أو الدراسات الاجتماعية لكن كنا بالفعل مجتهدين وكانت فرحتي بالنجاح أمينا لفصل ثالثة رابع تفوق نجاح عضو بمجلس النواب وختمت المرحلة الإعدادية بحصولي على المركز الأول على المدرسة عام 1996.
وكانت وما زالت تقاليد البلد في المرحلة الثانوية أن يقوم الناجح في الشهادة الإعدادية الذي حصل على مجموع يؤهله للالتحاق بالثانوية العامة بشراء دراجة للذهاب بها إلى المدرسة التي كانت تبعد عن القرية بثلاثة كيلو مترات لذا كانت الفرحة مضاعفة بالالتحاق بالثانوية والدراجة.
رحم الله كل من علمنا حرفا وهو الآن في ذمة الله، وبارك الله في أعمار من كان منهم على قيد الحياة.