٢٠ عامًا على رحيل الزعيم
داخل فيلا عتيقة بميدان حدائق القبة، حضرت مع قادة حزب الأحرار احتفالية مرور عشرين عامًا على رحيل زعيم الحزب مصطفى كامل مراد، شاركنا فيها مجموعة من أمناء الحزب بالمحافظات وقادة الحزب، حيث حضر السادة محمد جودت بعيص أمين الحزب بالبحيرة، ومحمد حلمي درة أمين دمياط، وكريم نصر الدين أمين الأقصر، وبحضور الأستاذ محمود مصطفى كامل مراد، والدكتور ياسر رمضان، والأستاذ محمود منصور، وأحمد عبد الله عزيز.
ومصطفى كامل مراد كان واحدًا من الضباط الذين تم إعدادهم لخوض الحرب الأولى عام ١٩٤٨م، وكان ضمن ضباط المدفعية الذين وصلت قواتهم إلى مسافة عشرين كيلو مترا من تل الربيع- تل أبيب حاليا-، وكاد الجيش المصري أن يُنهي ويُصفي الكيان المحتل لولا الهدنة، وما تلاها من خيانات قلبت دفة الأمور، وعاد مصطفى كامل مراد ورفاقه، وهم على يقين أن الحرب الحقيقية ليست على الجبهة.
شارك مصطفى كامل مراد مع الضباط الأحرار في حركة يوليو، وشارك في حرب ١٩٥٦، ثم اعتزل العمل العسكري وفضَّل العمل السياسي، فكان أول زعيم للمعارضة عام ١٩٧٦ عندما فاز حزبه بعدد وفير في مجلس الأمة، وكان صاحب أول صحيفة مُعارضة في التجربة التعددية الثانية، وتمكن خلال رئاسته لحزب الأحرار من إصدار ست عشرة صحيفة من حزب واحد، كما كان حزبه هو الحزب المعارض الوحيد الذي امتلك مطبعة لصحفه.
عاش مصطفى كامل مراد ليبراليًا حقيقيًا يؤمن بحق كل التيارات السياسية في التعبير عن نفسها، فحول جريدة الأحرار لتصبح منبرًا للوافدين قبل أن تكون لديهم صحيفة أو حزب، كما فتح المجال للشيوعيين والناصريين على صفحات الأحرار، التي ترأس تحريرها نخبة من كبار الصحفيين من أمثال صلاح قبضايا ومحمود عوض ووحيد غازي ومحمد عامر، عليهم رحمة الله جميعا.
ورغم أن مصطفى كامل مراد كان من أوائل من طالبوا بخصخصة القطاع العام، فإنه ظل مختلفًا مع أولي الأمر في طريقة الخصخصة، وكان مؤمنًا أن البيع ليس هدفًا، ويجب أن يكون وسيلة لتحقيق أرباح أكثر، وضم عمالة أكثر وكان -عليه رحمة الله- من أكثر المؤمنين بدور القطاع الخاص في بناء مصر، وقد استطاع خلال فترة حياته أن يحول مشروعات صحف الحزب إلى مشروعات رابحة في الوقت الذي كانت تعاني فيه كل الصحف المصرية خسائر كبيرة.
رحل مصطفى كامل مراد عام ١٩٩٨م بعد أن ترك لنا تراثًا فكريًا ورؤية اقتصادية، أعتقد أنها لا تزال حتى الآن قادرة على الحياة، بل والاقتداء بها والسير على نهجها قد يعيد الحياة للاقتصاد المصري الذي يعاني تخبطا وفوضى وغابة من القوانين القادرة وحدها على وقف نموه.