رئيس التحرير
عصام كامل

الإعلام المتوازن.. ولماذا تخلت كل مؤسسة عن واجبها؟!


أليس من وظائف مؤسسات الثقافة والتعليم والشباب والإعلام والفن تنوير المجتمع وترقية سلوكياته وتحريضه على التحلي بالفضيلة ومكارم الأخلاق التي كثيرًا ما نبه الرئيس عبد الفتاح السيسي في خطابات ومؤتمراته إلى ضرورة التحلي بها والالتزام بها نبراسًا ومنهاجًا في حياتنا.. لماذا كل هذا العنف الأسري والانفلات المجتمعي في كل شيء.. لماذا اتسعت الفجوة بين الشعب وحكومته وتخلت كل مؤسسة عن واجبها الأصيل واستمسكت بالشكليات وغرقت في سفاسف الأمور وتفاهاتها.. ألا يتطلب ذلك إعلامًا موضوعيًا لا تحكمه المصالح والأهواء ولا أجندة رأس المال.


ما نجده للأسف هو إعلام مضخم لما يحدث من سلبيات اجتماعية وسياسية؛ الأمر الذي أنتج حالة ضبابية وسوداوية وتشاؤمية ومزاجًا عكرًا لأغلب المصريين.. أضف إلى ذلك حالة الغلاء غير المبرر أحيانا جراء جشع بعض التجار والمحتكرين الفاسدين في غياب رقابة الدولة، ناهيك عن زيادة كلفة التعليم في المدارس والجامعات الخاصة واستشراء الدروس الخصوصية في شتى مراحل التعليم، التي ترهق جيوب الفقراء وتستنزف الطبقة الوسطى..

فضلًا على غلاء الرعاية الصحية حتى في المستشفيات الحكومية وتراجع القيمة الشرائية للدخول وانفلات الأسعار الذي أشاع حالة من السيولة والهشاشة اللتين تشكلان أرضًا خصبة لتداول الشائعات وترديدها بصورة أضرت بالجميع.

وإذا كنا مع النقد الموضوعي الهادف والتنبيه لمواطن القصور والضعف والخلل خصوصًا في أداء الحكومة وأجهزتها المختلفة فإننا ضد التهويل وإهالة التراب على بؤر الضوء والإيجابيات وطمس كل إنجاز يتحقق في طول البلاد وعرضها لا لشيء إلا نكاية في النظام أو كراهية له..

فالإعلام المتوازن هو ما يزن الأمور بكفتين لا غنى عنهما؛ كفة النقد البناء وكفة الإشادة والتشجيع فإذا قامت إحداهما وسقطت الأخرى وقع الإعلام في فخ التحيز أو التصيد وكلاهما مضرة ما بعدها مضرة.

فهل حقق إعلامنا المعادلة الصعبة أم أخفق وتطرف في موقفه وتسبب في انصراف الجمهور عنه وفقدان المصداقية وانهيار تلك الصناعة الثقيلة التي يستحيل أن تقوم للدولة المدنية الحديثة قائمة بغيرها، ناهيك عما يسببه الفراغ الإعلامي من إحباط ويأس في قلوب المواطنين.

إن المحبط لا ينتج ولا يبدع ولا يكاد مجتمع يخلو من سلبيات وسقطات لكن صناع الدراما ومقدمي برامج التوك شو عندنا يصرون على إبرازها مدفوعين بالرغبة في زيادة نسب المشاهدة ومساحة الإعلانات؛ متذرعين أن ناقل الكفر ليس بكافر، غافلين عن الصالح العام فيما يقولون أو يصنعون بل إنهم يصرون على نفاق المتلقي ومخاطبة غرائزه وتزويده بما يحب ويرضى حتى لو كان ضد مصلحته وضد الصالح العام وليس بما يفيده أو ينفع البلاد والعباد..

وينسى هؤلاء سواء كانوا من صناع الإعلام أو الثقافة أو الفن أن الممنوع مرغوب وأن النفس أمارة بالسوء إلا ما رحم ربي.
الجريدة الرسمية