الصحفي والحاكم!
إذا كان النص الذي نشر وأذيع لتلك المحادثة التليفونية التي جرت مع الصحفي الأمريكى الشهير بوب وودورد والرئيس الأمريكى ترامب صحيحا، فهو يكشف عن العلاقة بين الصحفي والحاكم، حتى وإن كان الصحفي الأمريكى ليس صحفيا عاديا، وإنما كان صحفيا يخشاه الحكام، بعد أن تسبب بكشف فضيحة ووتر جيت في إبعاد رئيس أمريكى سابق هو الرئيس نيكسون..
وأيضًا حتى ولو كان الرئيس ترامب ليس رئيسا عاديا، سواء بما يفعله ويتخذه من قرارات، أو بما يقوله ويعد صادما لرجاله قبل خصومه!
فها هو الرئيس الأمريكى ما أن علم بأمر كتاب وودورد الجديد عنه، وعن إدارته حتى اهتم بالحديث معه قبل صدور الكتاب، ليؤكد له أنه لم يكن يعلم برغبته لقاءه وهو يعد كتابه، وأنه كان على بوب الاتصال بسكرتارية مكتبه، خاصة وأن لديه بدلا من السكرتيرة الواحدة ثلاث سكرتيرات، وأنه يتذكر أنه التقاه قبل نحو عام ونصف العام، بل والتقاه قبل عدة سنوات مضت، وهو مجرد رجل أعمال عندما فكر ترامب في كتابة مذكراته..
وأنه كان بالتأكيد سوف يلتقيه إذا علم أنه يريد لقاءه، وكان سوف يشرح له الإنجاز الاقتصادى الضخم الذي حققه هو وإدارته، والمتمثل في زيادة معدل النمو الاقتصادى في أمريكا، والوظائف التي وفرها للأمريكيين، حتى يكون كتابه دقيقا، وليس سلبيا!
وها هو الصحفي الأمريكى يؤكد له أنه حاول لقاءه ست مرات، وأنه تحدث مع موظفين في مكتبه، وأعضاء جمهوريين في الكونجرس، ولم يظفر بهذا اللقاء، ويؤكد أيضا أنه بذل جهدا كبيرا في جمع المعلومات التي تضمنها كتابه، وأنه التقى العديد من المصادر، وسجل شهاداتهم التي حصل عليها منهم على ما يحدث في البيت الأبيض، وأن كتابه دقيق في معلوماته، لذلك سوف يصدر في موعده، رغم عدم إتمام اللقاء مع الرئيس الأمريكى.
وهكذا.. كلاهما، ترامب وبوب، رسما خلال هذه المكالمة التليفونية معالم العلاقة بين الصحفي والحاكم.. الصحفي يريد من الحاكم المعلومات والأخبار.. والحاكم يريد من الصحفي أن يكتب عنه إيجابيا ويتجنب الكتابة السلبية عنه.. لكن بعض الصحفيين يحاولون استثمار هذه العلاقة لتحقيق مصالح خاصة، وبعض الحكام يشجعون ذلك!