رئيس التحرير
عصام كامل

بفعل فاعل!!


هل يجوز التسامح مع السلوكيات الخاطئة والآفات الخطيرة التي تضرب المجتمع وترمي بنا في هوة سحيقة من عينة إطلاق الشائعات وترويجها بين الناس بصورة مخيفة، لتحدث بلبلة واهتزازًا في استقرار الدولة التي بدأت تتصدى لها وتفندها في حينها، عبر نشر الحقائق في شتى وسائل الإعلام، سواء تعلقت الشائعات بالسياسة بهدف إحداث بلبلة وضبابية وفقدان مصداقية للنظام يتبعه عدم استقرار، أو تعلقت بالاقتصاد لهز الحالة الاقتصادية وتخويف الاستثمار ورأس المال الجبان، أو كانت اجتماعية هدفها تشويه السمعة واغتيالها بدم بارد وإصابة الأبرياء في مقتل..


وهو الأمر الذي نهانا عنه الشرع الحكيم حين دعانا للتثبت من كل نبأ والتحقق من كل خبر قبل إشاعته بين الناس.. قال تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين".. فهل نفعل ذلك مع كل خبر نتلقاه؟!

وحتى لا نجافي الحقيقة فإن السلوكيات الخاطئة الغريبة عن مجتمعاتنا وتقاليدنا ترعرعت وتفاقمت بشكل فج بعد أحداث 25 يناير.. الأمر الذي يؤكد أنها كانت بفعل فاعل يبغي من ورائها النيل من استقرار مصر وأمنها؛ فظهر النفاق والإهمال والتقصير وبث الشائعات واغتيال سمعة الأبرياء، ولا يمكن أن نبرئ وسائل التواصل الاجتماعي وبعض برامج التوك شو والمسلسلات والأعمال الفنية الهابطة..

كل هذه العوامل وغيرها تضافرت للأسف لتشكل واقعا غريبا عن مصر التي عرفناها، وبدلًا من أن تتنادى الضمائر الحية من القوى الفاعلة في المجتمع لمجابهة هذا التردي تغافلت للأسف عن خطورة ترك تلك الصورة المغلوطة لمصر تترسخ في الأذهان، ويجري تصديرها للخارج حتى سرى اعتقاد خاطئ بأن مصر هي تلك التي نراها في الأعمال الفنية وبرامج التوك شو الهابطة والمسيئة..

ولم نر في المقابل تدخلًا من الدولة بصناعة أعمال هادفة تمسح خطايا ما علق بالأذهان في غيبتها عن سوق الدراما وبرامج التليفزيون التي تشكل وعى الأجيال الجديدة والحاضرة..

فلم نجد أعمالًا تحض على العلم والتعلم وممارسة التفكير العقلاني في مواجهة الخرافة والأمية والدجل والشعوذة والتطرف، ولا أعمالًا تنشر سيرة العظماء والمصلحين والمجددين عبر تاريخنا العظيم، ولا أعمالًا تحرض على ممارسة الرياضة، والمشاركة في الشئون العامة، وترشيد الإنفاق والاعتدال والوسطية وإصلاح ذات البين، والتراحم والعمل والإنتاج، والنهي عن الفساد والتدخين وتعاطي المخدرات والغيبة والنميمة ونهش الأعراض والابتذال والترخص..

كل ذلك يدعونا للتساؤل.. أين كانت أجهزة الدولة المعنية بتشكيل الوجدان والسمو بالروح.. وهل قامت بواجبها في ذلك الشأن؟
الجريدة الرسمية