رئيس التحرير
عصام كامل

عن البطل الذي زلزل أركان العدو!


كان التحرك سريعا ومدروسا.. الخبرة مع الدراسة وقفت خلف القرار.. استعاد الجيش ثقته في نفسه، ونجحت خطة الفريق صادق أن عمليات الصاعقة ستعيد الثقة للقوات بعد أن يروا بأنفسهم قتلى جيش العدو الإسرائيلي وأسراه يأتون مكبلين بالقيود يَسوقوهم أمامهم رجال البطل الأسطوري إبراهيم الرفاعي!


نقول: كان التحرك سريعا ومدروسًا اتخذه اللواء عبد التواب هديب مدير سلاح المدفعية وقتها.. القرار اتخذه الزعيم جمال عبد الناصر، والتنفيذ لقوات المدفعية بالقصف المستمر على طول الجبهة.. استمر القصف فترة طويلة شجعت على تكراره في 26 أكتوبر من العام نفسه، واستمر عدة ساعات متصلة مكنت قوات أخرى من التسلل خلف خطوط العدو لتدمير مدرعات ودبابات ونسف مواقع وقتل رجال خدمات العدو والعودة بأسرى.. كان ضحايا العدو بلغوا 49 قتيلا وهو رقم كبير عند الإسرائيليين نظرا لانخفاض عدد السكان وقتها!

وفي الثامن من مارس 1969 كانت الموقعة الكبرى.. ساعات متصلة لم يخرج جندي إسرائيلي واحد من المخبأ.. كان القصف الأعنف منذ نكسة 67 والأكبر في حجم الخسائر.. وهو ما أدى إلى بحث العدو عن رد يسترد به ثقته ويُهدئ من غضب الرأي العام.. فكان في اليوم التالي 9 مارس باستهداف موقع زيارة الفريق عبد المنعم رياض رئيس الأركان الذي تم الثأر له قبل حلول ذكرى الأربعين بعملية معقدة وكبيرة أطلق عليها "لسان التمساح" كتبنا عنها في مقال سابق..

لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن سلاح المدفعية ثأر للشهيد رياض في اليوم نفسه.. من خلال قصف عنيف لسلاح المدفعية أشرف عليه اللواء هديب ونفذه بالكامل المقدم وقتها ثابت إقلاديوس وكان منفذ عمليات الفرقة الثانية الذي انطلق بترتيب قواته للثأر للجنرال الذهبي قبل وصول التعليمات قائلا "ليس بعد استشهاد رئيس الأركان انتظار".. ووصلت التعليمات بالفعل كما توقع قبل أن يبدأ عمليته التي أدت إلى تدمير دبابات وعربات عسكرية وناقلات جند من المحيط الذي أطلقت منه القذيفة على موقع الفريق عبد المنعم رياض!

بقي القول إن العملية الأولى التي نفذها اللواء هديب وذكرناها في السطور الأولى أعلاه كانت في الثامن من سبتمبر عام 1968.. وهو اليوم الذي تقرر أن يكون عيدا لقوات المدفعية تحتفل به كل عام واحتفلنا واحتفلت به مصر كلها أمس!

تحية لأبطال عظماء مهدوا الطريق لنصر أكتوبر ورأينا نيرانهم الكثيفة لحظة العبور العظيم وسجل بطولاتهم يؤكد أن مصر لم تركع يوما ولم تنكسر ليوم واحد.. وأن كل ما يتردد عن ذلك ليس إلا إحدى صور الحرب المعنوية مع العدو يقع في فخها كثيرون يعتقدون أنهم يحسنون الإمساك بالقلم.. لكن يفوتهم أن الإمساك بالقلم لا يكفي إذا غاب الوعي وضاع الضمير الوطني!

المجد لكل أبطالنا من اللواء عبد التواب هديب إلى اللواء فيما بعد ثابت إقلاديوس.. وغيرهم وغيرهم الكثير والكثير!
الجريدة الرسمية