رئيس التحرير
عصام كامل

أنا ضد التنمر


جلس زميلي بعيدًا عن الجميع في "الحوش".. منزويًا يحاول أن يتوارى عن الأنظار.. وعندما شعر أن المكان خاليًا بدأ في البكاء.. أعتقد أنني لاحظته بوضوح لأنني كنت أجلس أحيانًا في الزاوية البعيدة نفسها لأبكي، والسبب المشترك في بكائنا كان مضايقات بعض الزملاء.


لم تكن المضايقات تتجاوز كلمة ساخرة أو تعليق قاسِ لكنها كانت قادرة على إحداث شعور نفسي مزعج في قلوب صغيرة هشة للدرجة التي جعلتني أتمنى إذا اختفت مدرستي الابتدائية من خريطة العالم.

لم أكن طالبًا فاشلًا لكنني كنت أخشى، أحيانًا، لحظة ذهابي إلى المدرسة حتى لا أقع فريسة لطالب يتهكم على صغر حجمي أو آخر يخبرني أنني رفيع مثل "قلم رصاص"!

في الفترة الماضية شاهدت حملة بعنوان (أنا ضد التنمر) أطلقها المجلس القومي للطفولة والأمومة ضمن برنامج ينفذه اليونيسف لحماية الأطفال المعرضين للخطر، وباعتبار "التنمر" أحد أشكال السلوك العدواني الذي يتسبب من خلاله شخص ما في إيذاء شخص آخر أو إزعاجه بطريقة متعمدة ومتكررة.

عندما استرجعت الذاكرة في محاولة لتطبيق ذلك التعريف على زملاء المدرسة القدامى وجدت الكثير من ضحايا التنمر.. هذه الفتاة السمراء اللطيفة التي أزعجها البعض بسبب لون بشرتها أو ذلك الصغير الذي سخروا منه بسبب "التهتهة" في الحديث.

ورغم أن هناك أشكالا أخرى للعنف ضد الأطفال أكثر خطورة مثل الإيذاء البدني أو الجنسي لكن هذا لا يقلل أبدًا من الضرر النفسي للتنمر الذي يترك ندبات تدوم آثارها مع الأطفال مدى الحياة.

دائمًا كان هناك "فتوة الفصل" الذي يريد أن يفرض سيطرته على الجميع.. ودورنا أن نحمي أطفالنا منه ونعطي إليهم الدعم النفسي اللازم.

ومثلما يواجه الطفل المخاطر في العالم الواقعي فإنه يواجه أخطارا أخرى في العالم الافتراضي، خاصة أن هناك واحدا من كل ثلاثة من مستخدمي الإنترنت ينتمون لمرحلة الطفولة، وبالتالي سيكون علينا أن نضمن وصول الأطفال إلى محتوى آمن وحمايتهم من محاولات الإساءة أو الاستغلال.
الجريدة الرسمية