رئيس التحرير
عصام كامل

الأوامر المنسية من القرآن (21)


كثيرة هي الأوامر المنسية من القرآن.. يتذكر أغلب الناس أوامر العبادات من صوم وصلاة وزكاة ظنا منهم أنها وحدها المكلفون باتباعها وجاء ذلك على حساب أوامر المعاملات التي نحن بصدد الحديث عنها في هذه السلسلة..


اليوم نتوقف أمام قوله تعالى "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين"، وفي الآية الكريمة ثلاثة أشياء، الأول، خطاب للمؤمنين، وثانيها، ما نحن بصدده وهو فعل أمر واضح وصريح بأن نتقي الله ونترك ونتخلص مما بقي من معاملات ربوية، ثم صفة أولئك ممن يلتزمون بالآية بأنهم مؤمنون..

وبغير أي تعقيدات قد تشوش على الفكرة وبدون أي تفاصيل عن أنواع الربا وأشكاله وقت نزول الآية.. ما يعنينا في الأساس هو نفسه ما عناه رب العزة ونزلت آيات تحريم الربا من أجله.. وهو منع استغلال الإنسان للإنسان.. كان الرجل وقتها يقترض لظرف تعرض له.. فقر أو مرض أو خسارة في تجارة.. فيذهب ويقترض ويتعهد بالسداد في وقت معين..

فإذا حل وقت السداد ولم يسدد يكون الشرط بمضاعفة الدين! فإذا جاء وقت الدين المضاعف ولم يسدد يتحول المدين إلى أسير وعبد لدى الدائن! وهو نفسه ما يحدث اليوم ولكن بطريقة أخرى وهي السجن! لذلك حرم الله الربا.. لأن القوى يتحكم في الضعيف.. ويصل بالضعيف إلى حدود الذل وبعدها إلى الأسر والعبودية..

وهو ما لا يقبله رب العزة وهو يضع شريعته الأخيرة في رسالته الأخيرة والتي فيها تنظيم العلاقات بين الناس في المجتمع إلى يوم القيامة.. ومن هنا جاء التحريم.. فهل نقف عند حدود ذلك؟ أم أن هناك من الأمر درسا وعبرة نستنجهما من الآيات وحكمها؟ بالطبع في، وهو أن كل فعل ينتهي بإذلال عباد الله وسحق كرامتهم ورهن حريتهم محرم شرعا، ويأخذ حكم الربا في التحريم، ويكون بحجم كراهية رب العالمين للربا وللمرابين، حتى لو كانت المعاملة لا مال فيها ولا قروض..

حكمة المولى أن لا يستغل الإنسان أخاه الإنسان بما يهدر كرامته ونقيس على حكم الربا كل ما يؤدي للنتيجة ذاتها!

الإسلام نظم شئون البشرية وترك المتطرفون كل جميل فيه وراموا يسيئون إليه بأسوأ ما في عقولهم وما في كتب شيوخهم وما فيها من ضلال وضلالات!
الجريدة الرسمية