«الأسطى عربي».. حكاية 50 عاما بين «البامبو» (فيديو وصور)
خشب البامبو، الخيزران، أو الأمويل كما يعرف بالفرنسية، صناعة أوشكت على الاندثار، لقلة الأيدي العاملة المدربة، وغياب المشترين.. البائع والشاري أيضًا على وشك الاختفاء.
في حي مصر الجديدة وتحديدا ميدان الإسماعيلية، يجلس رجل في عقده السابع، يدخن سيجارته، ويحدق في المارة ببصر زائغ، يبحث عن شيء لا يدرك ماهيته، منظر يراه يوميا عدة مرات، لكن المشهد حوله ليس اعتياديا على الإطلاق للغريب، فيرى الوافد إلى الورشة صفوف من الكراسي الخشبية المتراصة فوق بعضها البعض مصنوعة بحرفية عالية، وطاولات من نفس الخامة وطريقة التصنيع، يستجمع قواه لينهض بعدما أنهى سيجارته ليعاود العمل مرة أخرى.
الأسطى عربي، يعمل في صناعة البامبو منذ 50 عاما، فتلك المهنة إرث والده الذي اصطحبه وهو ما زال في الـ14 من عمره ليسقيه أصول المهنة.
"أبويا علمني الصنعة وبعدين روحت اشتغلت عند خواجات لمدة 20 سنة"، هكذا بدأ الأسطى عربي حديثه لـ"فيتو"، وتابع: "كنا بنجيب الخشب ده من بره ونشكله إحنا هنا، بيجيلنا البامبو عيدان والقش بشتغل بيه على طول"، مضيفا: "الأول الصنايعي بيشتغل على النار وواحد يشتغل على الحتة وواحد يفنش ويقفل، لكن قليل لما تلاقي واحد يعمل كله من الأول للآخر".
"ماعدش في حد ييجي يتعلم الصنعة زي زمان ولا حتى بقي ناس كتير بتشتري، اللي كان عنده حتة زي اللي بشتغل فيها دي زمان كان بيه، لكن قليل اللي بيقدر الشغل ده دلوقتي، بس أنا علمت بنتي، لعلمك طالعة الأول في الكمبيوتر، لكن أنا علمتها عشان تساعدني"، وحول مدة إتمام منتج قال: "لو هشتغل في سرير ممكن أقعد فيه يومين، ولو كرسي بياخد من ساعتين ونص إلى 5 ساعات حسب الشغل المطلوب".
غلاء المواد الخام وطول ساعات العمل من الأسباب الرئيسية لاندثار هذه الصناعة، يقول الأسطى عربي: "الخامة دي كانت زمان بـ 35 جنيها وصلت 70 واللي كانت بـ150 بقت بـ300 دلوقتي فمفروض أبيع بكام عشان الواحد يشتري مني، الكرسي الواحد ممكن يكلف من 350 إلى 1000 جنيه حسب طلب الزبون، ودي حاجة هاند ميد بتاخد وقت ومجهود، فمش الكل يعرف يقدرها".