رئيس التحرير
عصام كامل

الأوامر المنسية من القرآن (20)


نستمر في عرض عدد كبير من الأوامر المنسية من القرآن الكريم رغم ورودها بصيغة الأمر في كتاب الله العزيز الحكيم لكن تراجع الاهتمام بها لحساب الالتزام بأوامر الشعائر والعبادات.. ورغم أهمية الأخيرة أن أوامر الله في كتابه فريضة ملزمة خصوصا أنها من أوامر المعاملات التي تنظم شئون المجتمع وترتب أحوال الناس فيما بينهم.


اليوم نتوقف عند أمر الله تعالى في قوله: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين".. وفيها يأمرنا الله أن نكون في معية الصادقين.. أهل الصدق.. ورغم أننا نتعامل بمنهج أن آيات الله عامة وصالحة لكل أمة في كل زمان إلا أننا هنا ورغم استمرارنا في ذات المنهج إلا أننا رغبة في فهم معنى الصدق الذي يقصده الله عز وجل نعود إلى سياق الآية.. إذ إن الآية كاملة تقول: "وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أنه لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين"..

والآية كاملة تذكر قصة الصحابة الثلاثة الذين تخلفوا بأعذار مختلفة عن غزوة تبوك ونزل فيهم قرآن ولكن رحمة الله شملتهم ولذا لا يمكن فهم الآية على أنها تتحدث عن الصدق في القول وحده إنما الصدق الشامل في القول.. والفعل معا!

هذه الآية آخر سورة التوبة وسورة التوبة نفسها آخر ما نزل من القرآن ولذا يمكن ببساطة اعتبارها من أواخر التعليمات والأوامر الإلهية لذا فلها طبيعة خاصة ووضع متميز.. لذا كيف نعمل بها؟ نعمل بها باختيار الصادقين للتعامل معهم.. أولئك ممن اختبرناهم وعرفناهم في محيطنا كله الممتد من الجيران والأهل إلى الساسة والصحفيين والإعلاميين ورموز العمل العام كله..

لا يمكن مساواة من عرفناه صادقا لم يتربح ولم يتكسب مع أولئك ممن يقولون الصدق ظاهرا إنما لأن مصالحهم تسير في هذا الاتجاه وربما كانوا في الامس يقولون خلاف ذلك وربما غدا سيقولون غيره.. وهذا ليس ترفا أو محل اختيار.. إنه أمر إلهي!

"كونوا مع الصادقين".
الجريدة الرسمية