رئيس التحرير
عصام كامل

تكرار الحج والعمرة.. وأيهما أنفع للمجتمع والفقراء (1)


ألا يدرك من يكررون الحج والعمرة في كل عام في بلادنا وهم كثر، كم هي فقيرة شعوبنا، ويلزمها إنفاق مثل هذا المال على تحسين التعليم والصحة والمرافق من طرق متكسرة مليئة بالحفر والمطبات، إلى مستشفيات تعاني نقص الإمكانيات والكوادر إلى مدارس شديدة الكثافة وقرى بلغت حدًا من الاحتياج لا يخفى على أحد، ويعوزها الصرف الصحي، وأبسط الخدمات الضرورية للحياة الآدمية..


وعشوائيات رغم ضخامة ما فعلته الدولة في عهد الرئيس السيسي لتطويرها، لكنها لا تزال في حاجة لدعم رجال الأعمال والموسرين الذين يدينون بالفضل لبلدهم، الذي أعطاهم الكثير دون أن يردوا له الجميل أو يوفوه حقه أو يفعلوا مثلما يفعل أقرانهم في الغرب من أداء الرسالة الاجتماعية لرأس المال..

بل إن بعضهم وهم أغنى الأغنياء تبرعوا بالشطر الأكبر من ثرواتهم، وهي بمليارات الدولارات في حياتهم للأعمال الخيرية والتكافل الاجتماعي الذي هو روح الأديان وجوهر الإسلام.. حتى ليكاد ذلك الفعل يجعلنا نكرر مع الإمام محمد عبده مقولته المشهورة: "رأيت في الغرب إسلاما بلا مسلمين وفي الشرق مسلمين بلا إسلام".!!

وسؤالي لمن يصرون على تكرار الحج والعمرة سواء من حر مالهم أو عالة على غيرهم: ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم لسائله عن وجوب الحج، مكررًا سؤاله ثلاث مرات: "أفي كل عام يا رسول الله..فأجابه المصطفى: لو قلت نعم لوجبت".. ما يعني قطعا أنها ليست بواجبة في كل عام حتى لمن استطاع إليها سبيلًا..

وهو ما يضاعف تعجبنا ممن يلزم نفسه بشيء لم يفرضه الله عليه، حارمًا نفسه وأهله من أبواب واسعة للخير بل إنها أعظم من ذلك التكرار.. ألم يقل ربنا عزَّ وجل على لسان نبيه الكريم: "وما تقرب عبدي إلىَّ بشيء أحب مما افترضته عليه.. وقد يقول قائل إن الله عز وجل قال أيضًا على لسان رسوله الكريم: "ولا يزال عبدي يتقرب إلىَّ بالنوافل حتى أحبه" إكمالًا للحديث النبوي ذاته..

وأليس تكرار الحج نافلة وأي نافلة.. نقول نعم نافلة عظيمة لكن الشرع يدور مع مصلحة العباد فأيهما أصلح للناس تحسين حياتهم وإمداد المجتمع بأسباب القوة أم إهدار المال على تكرار غير ملزم للحج والعمرة..؟!..

أيهما أنفع للمسلمين وفقرائهم في ظل ظروفهم الاقتصادية الصعبة الحالية، بعد قرارات الإصلاح الاقتصادي وتعويم الجنيه والتي أثرت بلا شك على غالبية المجتمع وأدخلتهم إلى دائرة الفقر والعوز.. أيهما أقرب نفعًا لهم تكرار الحج والعمرة وما يستلزمه ذلك من إنفاق ملايين الجنيهات سنويًا.. أم توجيه تلك الأموال الطائلة لإطعام المساكين والفقراء وتعليمهم أو إقامة مشروعات منتجة توفر للمتعطلين من شبابنا فرص عمل شريفة تعينهم على الحياة وتضيف لاقتصادنا فرص النمو والتعافي.. أليس تنمية قرى مصر الأشد فقرًا تعادل في ثوابها تكرار الحج والعمرة وربما تزيد على ذلك..؟!

ثم أليس الفقر آفة اليوم.. حتى أن كثيرًا من المصريين محرومون من الصرف الصحي والرعاية الصحية الشاملة.. ولا يزالون معرضين لأخطار التلوث وأمراضه المزمنة التي تنهش في أجسادهم.. فثمة ملايين المرضى مصابون بالسرطان، ومثلهم بضغط الدم والسكر والالتهاب الكبدي الوبائي وأمراض القلب وغيرها.. وهناك حالات حرجة تنظر إجراء جراحات عاجلة تنقذهم مما هم فيه.. ألا يحتاج هؤلاء لمن يمد لهم يد العون والرحمة ويخفف عنهم معاناة المرض والحرمان.. ونكمل غدًا..
الجريدة الرسمية