رئيس التحرير
عصام كامل

"بقايا" مبارك تحكم مصر


لا أختلف كثيرا على صحة تصريحات منسوبة للمتهم حسنى مبارك عن الأوضاع فى مصر، نشرتها صحيفة الوطن، فاللهجة التى خرجت بها لا تبتعد كثيرا عن طريقة خلفه "المنتخب" فى التعامل مع الشئون المصرية، اللهم سوى ما يخص أمن حدود الوطن والتى يتفوق فيها مبارك.


كلمات مبارك التى نقلها الزميل "محمد الشيخ" ليست بعيدة بحال عما يمكن أن يقوله "رئيس"، يقال إنه "محبوس"، فى ظرف يراقب خلاله ما يفعله أتباعه وبقايا نظامه فى مصر عقب صعودهم إلى السلطة، فالرجل كله ثقة بثمار كلماته وحصادها فى توقيت يبدو لسانه "لاعبا" أكثر منه متحدثا إلينا.

وقبل أن نكرر كلمات "مولانا" عن أوضاعنا "غير المرضى عنها" فى موسم البطيخ، والتى يتحدث فيها بتركيز عال يؤكد أنه "سجين غير عادى فى سجون مثالية"، دعونا نطرح تساؤلات كثيرين فى الشارع المصرى محل اهتمام:
كيف يمكن القبول بفكرة سجن مبارك وهو من أسس لنعش ثورة يناير باستنهاض النعرة الطائفية، حينما استحضر تيارات الدين السياسى بممثل للجماعة الأكثر حظوة عنده، فى لجنة العشرة التى قامت بتعديل 9 مواد فى دستور 1971، جرى الاستفتاء عليها فى 19 مارس 2011 رغم إبعاده أو ابتعاده عن منصبه وصلاحياته فى 11 فبراير؟

ثم كيف حققت تلك الجماعات انتصارا مثاليا لإرادة مبارك بتركه دون محاكمة "قضائية" حتى إتمام الأشهر الستة المتبقية له بالحكم، وهى الدعوات التى أطلقها أنصارها فى الميادين عقب خطابات "الاستعطاف" المباركية، لتبدأ أولى جلسات محاكمته فى 3 سبتمبر، وتشهد الجلسة السادسة والأربعون فى 2 يونيو 2012 الحكم عليه بالسجن المؤبد، قبل أن تعيد "النقض" القضية لنقطة الصفر فى 3 يناير 2013 بقرارها إعادة محاكمته ورفاقه، وسط حضور برلمان بأغلبية "دينية" لم تسع لإصلاحات تشريعية ترفع الحرج عن قضاء مصرى نزيه يحكم بالنص والدليل؟!!

ومع تقديم لجان قانونية جمعت أدلة جديدة بتقاريرها حول جرائم نظام مبارك فى أحداث الثورة، استبعدتها جهات التحقيق وسط تكرار محمد مرسى وعوده بتدعيم حقوق الضحايا والشهداء وذويهم أمام القضاء، وهمس مرشده فى أذنه "القصاص"، إلا أنه ونائبه العام لم ينجزا جديدا، وكانت فضيحة رفض النقض المقدم بقضية موقعة الجمل، أكبر دليل على انتقال ملف "الثورة" إلى يد نظام يمثل امتدادا لمبارك.

"حزين جدا على المواطن الغلبان، أتألم لما حدث للمصانع والمدن الجديدة، حالة انعدام الأمن فى مصر كلها، ما زلت مصمما على إنصاف الأجيال القادمة لى، البسطاء ومحدودو الدخل راعيتهم طوال حكمى ووضعتهم نصب عينى، أخشى على البلد جدا من قرض الصندوق الدولى، مرسى رئيس جديد يمارس مهام عمله الثقيلة لأول مرة ولا ينبغى أن نحكم عليه الآن، زعلان على مستوى استقباله فى الخارج".

هذه خلاصة كلام مبارك الذى يتطابق تماما مع تصريحات وأداء خليفته عن نفس المصريين وبنفس العبارات ونفس "السبابة" المستخدمة فى الحوار والتى لم يذكرها زميلنا "الشيخ" فى تقريره.

أعتقد أن أدنى مستويات الأنظمة الفاشية كنظام مبارك، يتجسد فى جماعة سلفه التى ظلت الوصيف الفاشل لحزبه وذراعه اللعوبة داخل الحياة السياسية لعقود ثلاثة، ومن غير المتصور ألا تتعلم من مبارك ورجاله طرق القهر والكذب والسطو على فرص المصريين فى حياة أفضل يمتلكون خلالها ثرواتهم وحقوقهم وحرياتهم، وألا تفكر فى غير ما حرمت منه، السلطة والثروة والخلوة مع النساء.

رغيف وأنبوبة وكرباج وتشريعات وسجون مبارك ومرسى واحدة، الأول أسند شرعية حكمه إلى ضربة جوية قادها على "الماكيت"، والثانى يطبق مشروع جماعته بمغزى كلمات مرشدها الأعلى خيالا "طز فى مصر".
الجريدة الرسمية