رئيس التحرير
عصام كامل

تكرار الحج والعمرة.. وأيهما أنفع للمجتمع والفقراء (2)


هل يعتقد من يكررون الحج والعمرة أنهما يمحوان الذنوب والخطايا دون غيرهما من ألوان العبادات وصُنوف الطاعات.. ألا يعلم هؤلاء أن الأعمال بالنيات وأن لكل امرئ ما نوى.. فمن بيَّت النية صادقًا للحج أو العمرة كتبها الله له حجة أو عمرة.. ورب حاج تعددت زياراته للبيت الحرام وسعيه وطوافه وقد ردّ الله عليه حجه أو عمرته وحين ذهب ملبيًا يقول "لبيك اللهم لبيك".. جاءه النداء "لا لبيك ولا سعديك"..


فالعبرة هنا بصفاء القلوب وإخلاصها وبالمال الحلال وليس بالنحر والإسراف.. ولست أعلم خلافًا بين الفقهاء أنه يصح للعبد أن يترك الصلاة ثم يحرص على أداء الحج والعمرة وتكرارهما.. أليست الصلاة عماد الدين وركنه الأعظم من أقامها فقد أقام الدين ومن هدمها فقد هدم الدين..

فماذا يقول لربهم من أضاعوا الصلاة ومنعوا الزكاة ثم التجأوا لتِكرار الحج والعمرة.. وكيف يحج أو يعتمر هؤلاء بمال للسائل والمحروم والفقير حق معلوم ونصيب مفروض فيه.. ألا يعلم هؤلاء أن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا.. "إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون".

مجالات النفع كثيرة وأبواب البرّ مفتوحة على مصاريعها؛ فالتبرع لبناء مدرسة تقضي على الأمية وتخلص المجتمع من آفة الجهل وتمنع التسرب من التعليم، أو بناء مستشفى لعلاج من لا يملكون ثمن العلاج باهظ الكلفة أو فك كرب الغارمين والغارمات وإخراجهم من السجون أو بناء مصنع لتشغيل الشباب وامتصاص البطالة أو تزويج اليتامى أعظم درجة عند الله من تكرار الحج والعمرة؟!

من يعتقد واهما أن السفر للحج والعمرة في كل عام يكفر ذنوبا دأب على ارتكابها طيلة العام والارتكان إلى ذلك فهو واهم يخدع نفسه، ويجهل حقيقة دينه ومقاصده، وهو ما ينبغي لشيوخنا وِوعاظنا أن يِتنبهوا لخطورته، وأن يبينوا للناس صحته في خطبهم على المنابر في "الجُمع" وفي أحاديثهم المباشرة للجماهير في البرامج التليفزيونية والميدانية ليعيدوا تصحيح الصور المشوشة في أذهان الناس وسلوكياتهم ومفاهيمهم الدينية المغلوطة.. حتى يرشدوا إنفاقهم ويزيدوا من ادخارهم وإنتاجهم.
الجريدة الرسمية