رئيس التحرير
عصام كامل

«التهريب» بوابة الفوضى بسوق السماعات الطبية.. مصر تحتل النسبة الأكبر عالميا في ضعاف السمع.. إعلانات الفضائيات ومندوبو الشركات يبيعون منتجات رديئة.. و«الصحة» توفر 40 ألف سماعة عمرها

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

«خدمة خاصة لكبار السن.. نصلك أينما كنت.. توصيل للمنازل مجانا».. العبارات السابقة وغيرها الكثير، تستخدمها «مافيا التهريب» لجذب أصحاب الشركات الصغيرة، وأهالي المرضى بضعف السمع، للاتصال بهم لشراء السماعات الطبية، سواء عن طريق الإعلانات مدفوعة الأجر، أو صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وفى الغالب تكون الإعلانات تلك مصحوبة بأسعار تصفها الشركات بـ«الخاصة والمميزة».


وقال الدكتور طارق الدسوقي، أستاذ طب السمع والاتزان، كلية الطب جامعة القاهرة، سكرتير عام الجمعية المصرية لطب السمع والاتزان: إن أعلى نسبة ضعف السمع على مستوى المواليد تكون في مصر، حيث تعد النسب العالمية 1 في الألف لكل المواليد، بينما في مصر تمثل النسبة من 4 إلى 8 لكل ألف مولود لديهم مشكلات في السمع، ويوجد ما يقرب من 2.6 مليون مولود سنويا، أي إن نسب المولودين بضعف السمع ليست قليلة.

فوضى بسوق السماعات
الدكتور الدسوقي» وصف ما يحدث في سوق السماعات الطبية حاليا بالفوضى، موضحًا أن «أغلب المندوبين الذين يمرون على المنازل لبيع السماعات الطبية غير مؤهلين وغير مرخص لهم بالعمل في الدعاية الطبية للسماعات، ولا يوجد قانون يمنع ويجرم الإعلانات على الفضائيات، وعلى صفحات التواصل الاجتماعى للسماعات الطبية».

وأكد أنه يوميا يتردد عليه مرضى يقعون فريسة لعمليات النصب في السماعات الطبية، بعد شراء سماعات مستهلكة لا تحقق الغرض المطلوب، كما أن السماعات الطبية تعد أحد أنواع الأجهزة التعويضية، وجزء كبير من السماعات الطبية تدخل مصر عن طريق التهريب، ويستغل المهربون حاجة المرضى وتباع لهم بالتقسيط.

وتابع الدسوقي: السماعات الطبية منتج طبى يجب وصفه بواسطة طبيب متخصص في السمعيات، بينما الشركات يعمل بها متخصصون غير مؤهلين ومنهم من يحصل على دبلوم، وهناك مئات المحاضر في أقسام الشرطة ضد شركات نصبت على مواطنين ببيع سماعات مهربة ورديئة، وليست ذات جدوى.

طبيب متخصص
وأشار أستاذ طب السمع والاتزان إلى أن السماعات الطبية يجب وصفها من طبيب متخصص في طب السمع والاتزان، ويتم تصميمها من قبل فنيين متخصصين، وحسب احتياج المريض ودرجة ضعف السمع، ويركبها الطبيب للمريض بعد فحصه، وهناك شركات معتمدة عالمية تورد السماعات الطبية في مصر في المراكز الحكومية والأماكن المعتمدة لبيعها، لافتًا إلى أن تلك الشركات لها وكلاء في مصر مسجلة بياناتهم في وزارة الصحة.

وأكمل: جنسيات تلك الشركات منها سماعات ألمانى، وسماعات دنماركية وسويسرية وأمريكية وجميعها نفس الجودة بنسب تفاوت بسيطة تحصل على موافقات إدارة المستلزمات الطبية بوزارة الصحة.

سماعات مجهولة المصدر
وأكد أن سوق المستلزمات والأجهزة الطبية يحتوى على آلاف السماعات مجهولة المصدر، تأتى من عدة دول أبرزها ليبيا والعراق، والمهربين معروفين يعرضون على بعض الشركات الصغيرة والمراكز الطبية غير الموثوق فيها كميات لا حصر لها من جميع الأنواع.

وأوضح أن بعض الدول في أوروبا التأمين الصحى لديها يصرف سماعتين للمرضى كل 3 سنوات، ويحصل المهربون في الشركات المشبوهة على السماعات المستعملة، ويخضعونها لـ«إعادة تدوير» لبيعها من جديد بالكيلو، وتباع السماعة بـ5 دولارات، ثم تدخل مصر عن طريق التهريب، ويتم عرضها بأسعار تبدأ من 5 إلى 6 آلاف جنيه، ويخدعون المرضى بأنها أحدث سماعات، وفى بعض الأحيان يصل سعر السماعة الواحدة إلى 10 آلاف جنيه، ويمكن للسماعة أن تعمل لفترة قصيرة وتتوقف لأنها مستهلكة، وفى الغالب تكون أسعار السماعات المهربة والسليمة متقاربة وينخدع المريض ولا يستطيع التمييز بينها، لذا يتوجب عليه الحصول عليها من أماكن حكومية موثوق فيها.

لا علاج لضعف السمع
وتابع: السماعات الأصلية تتراوح أسعارها بين 3 إلى 30 ألف جنيه، حسب نوع السماعة ومدى التكنولوجيا فيها، ومنها سماعات داخلية في الأذن وسماعات خارجية، والمريض المصاب بضعف السمع يظل طوال عمره ضعيف السمع، ولا يوجد علاج لضعف السمع، كما أن نسب ضعف السمع بين الكبار تبلغ 10% لديهم مشكلات في السمع، وليس جميعهم يحتاجون إلى ارتداء سماعات طبية بل نصف ذلك العدد أي ما يقرب من 5 ملايين مواطن يحتاج إلى سماعة طبية.

وحول دور الدولة في توفير السماعات الطبية قال: الحكومة ممثلة في وزارة الصحة تستورد 40 ألف سماعة طبية سنويا، يتم توجيه جزء كبير منها لصالح التأمين الصحي، وجزء آخر يدخل منظومة العلاج على نفقة الدولة، سواء في معهد السمع والكلام أو المستشفيات الحكومية والمستشفيات الجامعية.

السوق الرسمي
وذكر الدسوقي أن «السوق الرسمى يتداول به ما يقرب من 100 ألف سماعة طبية بما فيها ما يوفره التأمين الصحي، والمريض الخاضع للتأمين الصحى من عمر يوم وحتى 18 سنة يوفر له التأمين الصحى سماعتين مجانا كل 4 سنوات، بينما من تخطوا 18 سنة يوفر التأمين الصحى سماعة كل 4 سنوات، والسماعة الثانية يتحمل نفقة شرائها المريض، لاسيما أن العمر الافتراضى للسماعة يمتد من 3 إلى 4 سنوات.

أسباب وراثية
وتابع: غالبية السماعات المهربة ومجهولة المصدر لا تمتلك للشركة التي تعرضها سجلًا تجاريًا، ولا توجد لها شهادات إفراج جمركي، أو شهادة من بلد المنشأ، مع الأخذ في الاعتبار أن أهم أسباب ضعف السمع «وراثية» تتسبب فيها حالات زواج الأقارب، إلى جانب التعرض الشديد للضوضاء أو سوء استخدام الأدوية.

ومن جانبه قال الدكتور طارق كامل، عضو مجلس نقابة الصيادلة، أستاذ الأنف والأذن والحنجرة بكلية طب جامعة القاهرة: إن أسعار السماعات الطبية تتراوح من 3 إلى 15 ألف جنيه، ويمكن أن تزيد حسب المواصفات الفنية للسماعة، مشيرًا إلى أن هناك أنواعا ضعيفة الإمكانيات لا تسبب ضررا للمريض، لكنها في الوقت ذاته لا تفى بالغرض المطلوب، وأن السماعات الطبية تصلح لجميع المراحل العمرية وغير قاصرة على فئة عمرية بعينها، منها ما يوضع داخل الأذن أو خلفها.

وتابع: مع التطور توجد أنواع توضع داخل قناة الأذن، ويتحكم فيها المريض كيفما يشاء، مشددًا على أنه لا يجوز للمريض اللجوء إلى الشركات للحصول على سماعة، بل عليه التوجه لطبيب متخصص في السمعيات.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية