بلد "مرمية" على قارعة الطريق
أقصد مصر، وأقصد أن السلطة فى البلد ملقاة على قارعة الطريق، ولكنها تحتاج لمن يراها ويلتقطها ويحولها إلى مشروع مشرق لمستقبل مصر، فدون أدنى شك التنظيم السرى للإخوان فشل فى إدارة البلاد، ودون شك سيزداد فشله، ودون شك أيضا سوف يكمل قادته المشوار إلى نهايته، أقصد مشوار التمكين وتحويل مصر إلى دولة دينية.
هذا التشخيص لا يختلف عليه معظم، إن لم يكن كل، قوى المعارضة فى بلدنا، بل وليس هناك خلاف على أن دولة الإخوان ترقد فوق بركان وعاجلا أو آجلا سوف تنتهى.. لذلك فالسؤال المطروح هو: ماذا نحن فاعلون؟..
خلفية السؤال بمعنى آخر، أن التنظيم السرى للإخوان سيفقد عاجلا أو آجلا السلطة، بل ودعنى أقول إن السلطة، أى حكم البلد ملقى على الطريق ويحتاج فقط لمن يراه ويعمل عليه، وحتى الآن وبصراحة شديدة، القوى المعارضة للمشروع الدينى، لم تتفق على تحرك أو على الأقل خطوط عامة للتحرك والتقاط هذه السلطة والتقاط البلد كلها من على قارعة الطريق.
وأقترح أن تكون الخطوط العامة للتحرك هى:
= وقف خطاب استدعاء الجيش، لأنه حتى لو حدث ونزل الجيش ليحكم مؤقتا، فلن تنتهى مشكلة الإخوان وعموم التيار الدينى، ولا مشكلة البلد، فسوف ينتقلون لاستخدام السلاح مستندين إلى أنه تم اغتصاب السلطة منهم.. ولعل القارئ الكريم يتذكر السيناريو الذى حدث فى الجزائر فى أوائل التسعينات على ما أذكر، بعد فوز الإسلاميين فى الانتخابات منعهم الجيش، وغرقت فى بحور من الدماء، أضف إلى ذلك أن هذا المشروع لم ينته حتى الآن لا فى الجزائر ولا فى غيرها، ناهيك عن أننا لا نريد استبدال "دكتاتور" بلحية بـ"دكتاتور" بكاب.
= أظن أن الحل الأمثل وهو معروف، العمل المنظم فى وسط الناس، تنظيم شحنات الغضب فى مسارات ديمقراطية، عبر أحزاب وائتلافات وغيرها من أشكال التنظيم، فى هذه الحالة سيتحول هذا الغضب إلى قوة بناءة للضغط على التنظيم السرى للإخوان لتحقيق مطالب المعارضة، وإذا لم يفعل فسوف يفقد شعبيته تدريجيا، ويمكن هزيمته فى أى انتخابات مهما فعلوا، وإذا حدث ولجأ إلى السلاح فى هذه الحالة، سواءً وهو فى السلطة أو خارجها، فلن يكون مستندا إلى قاعدة شعبية، ومن ثم سوف تسهل هزيمته.
= أعرف أن هذا طريق طويل وصعب وتكلفته وتضحياته غالية، والدماء ستكون كثيرة، ولكنه فيما أظن هو الطريق الصحيح، أى نهزم التنظيم السرى للإخوان وحلفائه بالديمقراطية، مثلما جاءوا بالديمقراطية، وفى هذه الحالة سوف ينتهى مشروعهم إلى الأبد، ليس فى مصر وحدها، لكن فى منطقتنا، بل وفى كل أنحاء العالم.