حديقة الحيوان والفكرة الجهنمية للدكتورة مني !
بعد ترتيب من عدة أيام سابقة، ووعد بالذهاب إلى حديقة الحيوان، تأجل مرة بعد أخرى، وحان موعد تنفيذه بإلحاح من الأبناء، وبعد مسافة طويلة قطعها الحاج عبد السلام السائق بإحدي شركات قطاع الأعمال من بيته بالخصوص قرب المرج، حيث اصطحب أسرته المكونة من زوجته وولدين وابنته الكبري وزوجها وطفليها.. وعددا كبيرا من الساندويتشات وزجاجات المياه التي تركوها بالثلاجة حتى تجمدت وتحولت إلى ثلج..
كل ذلك حتى لا يحتاجوا شيئا في يومهم وبما يوفر عليهم الكثير.. استقلوا سيارة أجرة ومنها إلى المترو الذي سيدفعون فيه تذكرة مرتفعة لأنهم سيذهبون إلى محطة بعيدة نسبيا قرب نهاية الخط الثاني، حيث يكون أمامهم خيار من اثنين إما النزول في محطة البحوث ومنها إلى حديقة الحيوان، أو الوصول لمحطة الجيزة ومنها بسيارة أجرة بالطريق العائد إلى الحديقة نفسها..
اختاروا الأولى طبقا لنصيحة أحد ركاب المترو، وفي محطة البحوث التي وصلوها بعد ساعتين منذ خروجهم من البيت، عرفوا مكان سيارة أجرة الجيزة، والتي لن يتحرك بها السائق إلا عندما تمتلئ عن آخرها أو تقترب من اكتمال العدد، وبعدها بدقائق انزلهم أمام جامعة القاهرة ولم يتبق أمامهم إلا المشي مائتي متر تقريبا..
الطقس حار ولكن هانت.. دقائق وسيصلون إلى هدفهم النهائي.. وأخيرا.. يقسم الحاج عبد السلام على زوج ابنته أنه من سيدفع ثمن التذاكر.. إنه صاحب الدعوة، ويكفي أن الأيام تسرقهم ولم يخرجوا معا منذ فترة طويلة ثم يكمل في سره "إنها 6 تذاكر في خمسة جنيها بـ 30 جنيها ولا يغلي عليهم"، ثم يقترب من شباك التذاكر ويطلب من الموظف المختص الـ6 تذاكر..
إلا أنها كانت الصدمة.. لم يخطر له ما سمعه على بال.. أبلغه الموظف المختص أن اليوم هو يوم خاص.. قررت وزارة الزراعة أن يكون يوم للقادرين والأغنياء.. وهو يوم في الأسبوع، قررت فيه الوزارة أن تكون التذكرة بـ25 جنيها !!!
عاد الحاج عبد السلام ولا يعرف ماذا يقول.. الحسبة تلخبطت تماما.. من 30 إلى مائة وخمسين جنيها فضلا عن مصاريف المجيء وكلها تشكل مبلغا يصل إلى نسبة من راتبه الشهري.. ماذا سيقول الآن.. وماذا إذا اشتري التذاكر كيف سيكمل باقي اليوم.. هل يذهبون إلى مكان آخر أم يطلب من زوج ابنته مشاركته في قيمة التذاكر؟! دارت به الدنيا.. ولم تتوقف".
القصة السابقة سيناريو تخيلي للرد على الأفكار العبقرية الجهنمية التي صرحت بها الدكتورة "مني محرز" كحل لزيادة دخل الحديقة.. التمييز الطبقي صار شيئا عاديا عند الكثير من مسئولينا.. الحس السياسي والاجتماعي غائب.. صفع السلام الاجتماعي بات أمرا عاديا رغم خطورته..
ماذا نفعل بمسئولينا؟ وكيف يمكن تدريبهم قبل تولي الوظيفة العامة؟! متي يعرفون أن هناك في المجتمع ما هو أهم وأخطر من زيادة العوائد والأموال وارتفاع أي حصيلة؟! وكيف يمكن محاسبتهم بعد أخطائهم بحق المجتمع؟! هل لدينا برلمان يحاسب؟! وهل يقبل المسئول أن يعتذر علنا أم أن هذه هي الثقافة الغائبة؟! لا تخنقوا الناس.. واتركوا لهم نوافذ مفتوحة يتنفسون منها.. ارحموا الناس بقي..