جهود مصرية لإنشاء مكتب إقليمي لمفوضية حقوق الإنسان بالقاهرة.. مبارك تجاهل المبادرة.. البرعي حاول اقتناص مكتب شمال أفريقيا.. خبراء: وجوده يحسن صورة مصر أمام العالم
يبذل المجلس القومي لحقوق الإنسان وجهات أخرى معنية مساعي حثيثة، لإقناع المفوضية السامية التابعة للأمم المتحدة، بجعل مكتبها الإقليمي للشرق الأوسط في القاهرة بدلا من بيروت، لاسيما أنه مع بداية الألفية الثالثة كانت هناك مبادرات أممية لاختيار القاهرة مقرا لمكتبها الإقليمي، انطلاقا من وعي العالم بدور مصر في المنطقة ووضعها الإقليمي.
موقف مبارك
وفي مطلع الألفية الثالثة، حضر إلى القاهرة وفد من المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، لمقابلة الرئيس الأسبق مبارك ومعه جدول أعمال على رأسه فتح مكتب إقليمي للمفوضية بمصر.
وجاء ذلك نتيجة تحركات الدبلوماسية المصرية بالخارج، وبالفعل ذهب الوفد إلى مكتب مستشار العلاقات الخارجية، للتمهيد لمقابلة الرئيس، تزامن في نفس الوقت وجود ممثلين عن منظمة هيومان رايتس ووتش، وحينما علم الرئيس أبلغ وزير خارجيته بأنه لم يرغب في مقابلتهم، وكان يقصد ممثلي المنظمة وليس المفوضية، ومن هنا غادر الوفد دون الرجوع مرة أخرى إلى مصر.
مكتب بيروت
وفي عام ٢٠٠٢ أُنشئ المكتب الإقليمي للشرق الأوسط التابع لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، في العاصمة اللبنانية بيروت، وبات يغطي تسعة بلدان عربية ليس من بينهم مصر وهي: «البحرين، والأردن، والكويت، ولبنان، وسلطنة عمان، وقطر، والمملكة العربية السعودية، وسوريا، والإمارات العربية المتحدة».
مساع مصرية
ومع قيام ثورة 25 يناير والسيولة التي شهدتها البلاد، بدأ المعنيون بحالة حقوق الإنسان، يتطلعون إلى إعادة فتح الملف مجددًا، وبدأت الأعين تذهب إلى المكتب الإقليمي لشمال أفريقيا الذي كانت المفوضية آنذاك تنوي إنشاءه في إحدى العواصم الأفريقية، قاد الدكتور أحمد البرعي، وزير التضامن الاجتماعي حينها، ومعه عدد من المنظمات محاولات إقناع الآليات الأممية، بأهمية وجود المكتب في القاهرة، إلى أن جاء الرد دبلوماسيًا بامتياز، وأن مصر كان لديها فرصة كبيرة والإرادة السياسية فوتتها منذ سنوات، حيث وقع الاختيار على العاصمة التونسية وأنشئ المكتب الإقليمي لشمال أفريقيا في ٢٠١٢.
دور قومي حقوق الإنسان
ويسعى المجلس القومي لحقوق الإنسان، لإنشاء مكتب إقليمي للمفوضية السامية لحقوق الإنسان في مصر، ولايزال، لما يمثل وجوده من أهمية على المستويين الدبلوماسي والحقوقي، ويعطي صورة إيجابية للعالم عن الأوضاع داخل مصر ومدى استقرارها، إذ يعمل على تناول قضايا تقتضي الاهتمام على الصعيدين الوطني والإقليمي، على رأسها حريات الرأي والتعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي.
ويقدم مشورة تقنية إلى الحكومات في مجال حقوق الإنسان، من بينها التصديق على معاهدات حقوق الإنسان، ويشجع الدول على إنشاء مؤسسات وطنية لحقوق الإنسان وتعزيز المؤسسات القائمة، وبصفة خاصة فيما يتعلق باستقلالها وقدرتها على اتخاذ الإجراءات اللازمة عند حدوث انتهاكات.
مهام المكتب الإقليمي
ومن مهام المكتب الإقليمي أيضًا، تصميم نماذج تدريبية بشأن حقوق الإنسان موجهة إلى منظمات المجتمع المدني والحكومات والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان وتتناول مجموعة متنوعة من القضايا، بما في ذلك: وضع قوانين متوافقة مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، والاستعداد لعملية الاستعراض الدوري الشامل وتوصياتها ومتابعتها، ومتابعة الملاحظات الختامية للهيئات المنشأة بموجب معاهدات والمكلفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصة.
العلاقة بالآليات الدولية
وجود المكتب الإقليمي، في مصر له أهمية كبيرة في تعزيز العلاقات مع أصحاب المصلحة الوطنيين والإقليميين الرئيسيين في مجال حقوق الإنسان، إذ يعمل على نحو وثيق مع وكالات الأمم المتحدة وبرامجها والحكومات والمجتمع المدني بما في ذلك الشركاء غير الحكوميين، ويقدم المكتب الإقليمي الدعم في إرساء المساءلة وفي إقامة العدل، وتنمية قدرة الحكومات والمجتمع المدني، والدعم اللازم لإصلاح الحوكمة وإرساء سيادة القانون، والدعم في التصدي للتمييز.
ويسعى المكتب إلى تعزيز ما لدى الحكومات والجهات الفاعلة في المجتمع المدني في المنطقة من قدرات وطنية في مجال حقوق الإنسان فيما يتعلق بتعزيز وحماية جميع حقوق الإنسان دون تمييز، بما في ذلك قضايا مواضيعية مثل استقلال القضاء، ومكافحة الإفلات من العقاب، وتأثير تشريعات مكافحة الإرهاب، وإنفاذ القانون.
دعم العدالة الانتقالية
ويأتي من ضمن مميزات وجود مكتب إقليمي المفوضية السامية لحقوق الإنسان في بلد ما، توفير الدعم لإنشاء آليات العدالة الانتقالية الملائمة، وتعزيز أصحاب المصلحة الوطنيين والإقليميين بشأن القضايا المتعلقة بالحماية الإنسانية، وحقوق النساء والأطفال، والمدافعين عن حقوق الإنسان، بهدف زيادة المشاركة والشمول في عمليات صنع القرارات.
مسئولية المجلس الجديد
ويرى خبراء أن عودة فتح ملف المكتب الإقليمي للمفوضية السامية في القاهرة، على رأس القضايا التي يجب أن يستأنفها وتستحوذ اهتمام المجلس القومي في تشكيله المرتقب.