رئيس التحرير
عصام كامل

ساويرس المثير للجدل


هل يعشق نجيب ساويرس الشو الإعلامي؟ وهل يسعى للوجود في صدارة المشهد؟ وهل يقوم بدوره تجاه المجتمع مثل بعض رجال الأعمال؟ هذه التساؤلات طرحها رواد مواقع التواصل الاجتماعي طوال الأيام الماضية، عندما تدخل نجيب ساويرس في واقعة (أطفال التهريب) ووفر لهم فرص عمل في شركاته، ولأن مرتادي فيس بوك وتويتر لا يكتفون بطرح الأسئلة.. فقد جاءت إجاباتهم متباينة، فمنهم من أثنى على إنسانيته، ومنهم من كال له الاتهامات، ومنهم من انتهز الفرصة وقلب في ماضيه وحاضره وذهب بخياله إلى مستقبله، أما هو فقد التزم الصمت بعد أن فعل فعلته.


حالة الجدل وتباين الآراء حول ساويرس.. طالت أيضًا أطفال التهريب، فهناك من تعاطف معهم وطالب بالصفح عنهم، ومن وضعهم في قفص الاتهام وطالب بتطبيق القانون عليهم، حتى الموظفة التي حاورتهم وجدت من يهاجمها ومن يدافع عنها.

ما يهمنا هنا هو نجيب ساويرس الذي يصاحبه الجدل متى تحدث.. وربما متى صمت، ولأنني لا تربطني بالرجل أدنى علاقة، ولأن معرفتي به تقتصر على ما أسمعه عنه.. رأيت أن أشارك رواد مواقع التواصل الاجتماعي الرأي في تصرفه تجاه أطفال التهريب، وعلى الرغم من أن رأيي ينطلق من مقعد المتفرج أو المتابع.. إلا أنني أزعم أن بعض من المنطق يحكمه.

هل سرق نجيب ساويرس اللقطة بمساعدته للأطفال رغبة في شو إعلامي؟، الإجابة عن السؤال تحيلني إلى جلسة جمعتني بالدكتور محمد عبد الوهاب أستاذ زراعة الكبد والمؤسس والمشرف على مركز زراعة الكبد بجامعة المنصورة، حيث كان الحديث عن سيدة تمكن المرض الخبيث من كبدها، ولا بد لها من زراعة كبد في أقرب وقت، زوج السيدة كان موظفًا بسيطًا ولديه أبناء في كل المراحل التعليمية، واضطر الرجل لبيع شقة متواضعة يعيش فيها مع أسرته ليوفر تكلفة الجراحة التي تصل إلى أربعمائة ألف جنيه. 

دخل الرجل للدكتور عبدالوهاب وطلب منه إنقاذ زوجته، وأنه لا يمتلك سوى نصف تكلفة العملية، وبسؤال الدكتور له علم أنه باع بيته ووزع أبناءه ليعيشوا عند أصدقائه، وأن ابنته الطالبة في كلية الطب هي التي ستتبرع لوالدتها، بكى الدكتور عبد الوهاب مثلما بكى وهو يحكي القصة، ثم سمح بحجز السيدة وابنتها في المستشفى، وطلب من الرجل إعادة الفلوس لمن اشترى المنزل فورًا، واستجاب الرجل بعد عناء ثم انصرف. 

لم يكن في خزينة المستشفى ما يكفي لإجراء الجراحة رغم تحمل الجامعة ثلث المبلغ، واصل الدكتور بكاءه، وإذ بموظف يخبره أن تبرعًا وصل للتو قيمته مليون جنيه من المهندس نجيب ساويرس، الذي اعتاد التبرع للمستشفى، وقع المفاجأة كان مزيدًا من البكاء، وبعد بضعة أيام أجريت الجراحة للسيدة التي عادت إلى منزلها لتلملم شتات الأسرة، ثم علمت من الدكتور محمد عبد الوهاب أن السيدة يسرية لوزة والدة نجيب ساويرس تبرعت لمركز زراعة الكبد بخمسة عشر مليون جنيه في بضع سنوات، ونجيب ووالدته لم يدخلا المستشفى ولو لمرة واحدة.

هذه القصة تدحض ما روجه البعض عن سرقة نجيب ساويرس للقطة، وعشقه للشو الإعلامي، ورغبته في تصدر الحدث، وزيادة على ذلك.. فالرجل كان يمتلك ثلث الإعلام الخاص، ولم نره يسخر قنواته وصحفه ليظل في صدارة المشهد، بالإضافة إلى ذلك.. فساويرس ضيف من الوزن الثقيل ومرحب به في أي وسيلة إعلامية، ومن يعملون في البرامج يتمنون استضافته، ومن ينكر ذلك يخالف الحقيقة.

تلك شهادة لا نبتغي منها سوى كلمة حق في ظل هذا الزخم الذي يحفل به عالم السوشيال ميديا، والذي طالما أضاع حقوقًا بسبب الأحكام الإنطباعية التي تفتقد للحجة والدليل، وربما تكون شهادتنا حافزًا لرجال أعمال صدعونا بدورهم تجاه المجتمع وهم الأبعد عنه، عسى أن ينتقلوا من مرحلة الأقوال إلى الأفعال. basher_hassan@hotmail.com
الجريدة الرسمية