رئيس التحرير
عصام كامل

«ثورة الأئمة».. بعد إعادة الرئيس مطلب «تجديد الخطاب الديني» إلى الواجهة في مؤتمر الشباب الأخير.. الأزهر يواجه الطلاق بـ«لم الشمل».. والأوقاف»: 3 آلاف واعظة لمنع تجني

مشيخة الأزهر الشريف
مشيخة الأزهر الشريف

منذ توليه المنصب الرئاسي، لم يترك الرئيس عبد الفتاح السيسي، مناسبة تمر دون الإشارة إلى أهمية تجديد الخطاب الديني، وتوجيه المؤسسات والجهات المسئولة عن الأمر باتخاذ خطوات جادة في الملف، تزامنًا مع المعركة الضارية التي تشنها الأجهزة الأمنية على الجماعات الإرهابية، إيمانًا منه بأن المواجهة المسلحة يجب أن تتزامن معها مواجهة فكرة تطوير المناهج ومراقبة الوعاظ وتدريبهم.. وتحصين الأطفال ضد التشدد أهم ملامح إستراتيجية المشيخة والوزارة للأفكار المتطرفة.


مؤخرًا.. وتحديدًا أثناء مشاركته في مؤتمر الشباب الأخير، جدد الرئيس تأكيده على أهمية تجديد الخطاب الديني، محذرًا من تزايد معدلات الطلاق، ليعيد فتح واحد من أهم الملفات التي شغلت الرأى العام خلال الأعوام الماضية، وهى دور المؤسسات الدينية في عملية تجديد الخطاب الديني، وفى مواجهة الظواهر التي أصبحت تهدد السلم المجتمعى في مصر وفى مقدمتها ظاهرة الطلاق.

وتعقيبًا على حديث الرئيس، قال مصدر مطلع بمشيخة الأزهر الشريف: قضية تجديد الخطاب الدينى بطبيعتها مستمرة، ولا تقف على زمن أو وقت معين، ومؤسسة الأزهر تسير بخطى ثابتة في قضية التجديد وليس في هذا العصر فقط، وإنما منذ قديم الزمن، والمطالع لأخبار الأزهر سيجد أنه لا شك هناك تجديد، سواء من خلال المؤتمرات التي يعقدها، أو من خلال عملية تطوير المناهج التابعة له لتتواكب مع متطلبات العصر، والأزهر يبذل جهدًا كبيرًا في مسار تجديد الخطاب الدينى ولا يستطيع أحد إنكار ذلك.

وأضاف: فيما يخص دور الأزهر في الحد من انتشار قضية الطلاق بين الشباب فإنه أنشأ وحدة «لم الشمل» التي استطاعت حل الكثير من المشكلات بين الأسر، وهذا يأتى في إطار الدور المجتمعى المعنى به الأزهر، والذي يجب ألا يقتصر على المشيخة فقط، وإنما يجب أن تشترك معه جميع مؤسسات الدولة مثل الثقافة والتضامن والتربية والتعليم، والشباب والرياضة، ووسائل الإعلام.

وتابع: الأزهر يسير بخطى ثابتة في تجديد الخطاب الدينى، وذلك على مسارين اثنين، أولهما المسار العالمى، والذي كان آخر الخطوات به هو تنظيمه بالتعاون مع مجلس حكماء المسلمين لمنتدى شباب صناع السلام بالعاصمة البريطانية لندن، وهذا يأتى في إطار التحول من الحديث النظرى إلى الخطط العملية على أرض الواقع، كما أن الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف يركز جدًا في الفترة الأخيرة على أهمية الحوار بين الشرق والغرب، من خلال جولاته المختلفة التي يقوم بها في الدول الغربية، أما المسار الثانى الذي يعمل من خلاله الأزهر، فهو المسار الداخلى من خلال الندوات والقوافل والمبادرات التي تقوم بها المشيخة على مدى العام.

في السياق.. قال الدكتور أسامة الحديدى، المشرف على وحدة «لم الشمل» بالأزهر الشريف: الوحدة لديها خطة وهدف واضح، يتمثل في إصلاح المجتمع والحد من انتشار ظاهرة الطلاق، والأزهر أنشأ الوحدة لأنه معنى بقضايا العالم كله، وليس المسلمين فقط، والعاملون بالوحدة يعملون انطلاقًا من باب إرضاء الخالق عز وجل، ودعمًا لهذه الأمة والعالم كله والعمل على حل قضاياه، كما أن ظاهرة الطلاق يترتب عليها التفكك الأسرى، ولا تقف خطورتها عند ذلك، بل إن المشكلات التي تترتب عليها بعد ذلك تكون مركبة.

وأضاف «الحديدى»: الوحدة تم إنشاؤها منتصف أبريل الماضى، ومجمل عملها الفعلى حتى الآن بعد حذف الإجازات وغيرها من أيام العطلة يكون 50 يومًا، وتم خلال هذه المدة لم شمل 214 حالة حتى الآن، منها قضيتا قتل، وعمل الوحدة يرتكز ليس فقط على حل مشكلة الطلاق، وإنما إزالة المشكلة الرئيسية التي يقوم عليها الخلاف، سواء كانت مشكلة أسرية أو طلاق أو غيرها من الأسباب الرئيسية للخلاف، والعاملون على ذلك داخل الوحدة 6 أعضاء فقط من مركز الفتوى الإلكترونية، بجانب مدير عام الفتوى وعضو للوجه البحرى وعضو للوجه القبلي.

المشرف على وحدة لم الشمل، أوضح أن «آخر إحصائية عن عدد حالات الطلاق كشفت عن وقوع حالة طلاق كل 4 دقائق فقط، بمعدل 250 حالة في اليوم الواحد، والوحدة تستهدف مع نهاية عام 2019 وبداية عام 2020، أن تكون هناك حالة لم شمل كل 3 دقائق، على أن يصل عدد الأسر التي يتم لم شملها بحلول عام 2020 إلى 500 ألف أسرة، والوحدة لديها هدف وخطة واضحة المعالم لتنفيذ ذلك، كما أن أعضاء الوحدة لا يحصلون على أي مبالغ مالية من أي أسرة يتم الذهاب إليها».

من جانبها فطنت وزارة الأوقاف إلى أهمية إحداث ثورة فكرية وتدريبية ضد المفاهيم والتيارات المتشددة، وذلك بعد خطابات الرئيس المتكررة عن ضرورة ترسيخ الفهم الصحيح لجوهر الإسلام الوسطي، ونبذ كل أنواع التطرف والإرهاب، فقدمت الوزارة حزمة من الأنشطة المتنوعة سواء في مجال تأهيل العاملين في الحقل الدعوي، وتدريب الواعظات، وزيادة عدد المدارس القرآنية والعلمية في المحافظات.

من جهته قال الشيخ جابر طايع، رئيس القطاع الدينى بوزارة الأوقاف: الوزارة وضعت إستراتيجية متكاملة في العام 2018 تتكون من عدة محاور على رأسها برامج التدريب والتثقيف الصيفية من خلال 30 معسكرا تدريبيا بزيادة 50% على العام الماضي، وتكثيف الدورات للأئمة المتميزين في مسجد النور بالعباسية.

وأضاف: هناك تحول واهتمام كبير بمجال التدريب المستمر لأئمة الأوقاف على أهم القضايا العصرية، ووزير الأوقاف لا يألو جهدا في توفير ذلك للأئمة، ومؤخرا أعلنا عن تأهيل المبنى الجديد لأكاديمية تدريب الدعاة بالسادس من أكتوبر؛ والذي يضم معملا للغات، والحاسبات وعددًا كبيرًا من قاعات المحاضرات، ومن المقرر أن نتجاوز مرحلة التدريب المحلية إلى العالمية لنشر الفكر المستنير داخل مصر وخارجها في ضوء دور مصر الريادى في نشر سماحة الإسلام ومواجهة الفكر المتطرف وتفكيك مقولات المتطرفين.

وفى سبيل تحصين الأطفال من الأفكار المتطرفة لفت «طايع» إلى زيادة عدد المدارس القرآنية إلى 690 مدرسة قرآنية جديدة، تيسيرا على تحفيظ النشء للقرآن الكريم بالمجان، من محفظين ومحفظات تابعين للأزهر الشريف يبلغ عددهم 1822 محفظًا ومحفظة، إلى جانب الدفع بما يزيد على 3 آلاف واعظة في المساجد الكبرى، لنشر القضايا الوسطية بين النساء، ومواجهة تجنيد الجماعات المتشددة للسيدات، إلى جانب الاستمرار في تسيير القوافل الدعوية للمحافظات الحدودية.

من جهته قال الدكتور محمود مهنا، عضو هيئة كبار العلماء: الأزهر لم يقصر إطلاقًا، وأوصل رسالة الإسلام إلى كل القارات دون تكاسل أو تهاون أو تفريط في الثوابت الدينية، والتجديد يجب أن يكون في كل شيء وليس في الخطاب الدينى فقط، بدليل قول الرسول – صلى الله عليه وسلم-: “يبعث الله على رأس كل مائة عام من يجدد لهذه الأمة أمر دينها” والمقصود بالتجديد في معناه الحقيقى هو فهم التراث، وإبعاد الإسرائيليات والأباطيل والأكاذيب الموجودة في كتب التراث، بجانب فهم الإسلام فهمًا دقيقًا، بمعنى أن يكون الإنسان مستعدًا ومتحليًا بالشروط الواجب توافرها في المفسر والمحدث، ومن يخاطب الناس في شأن الدين لابد أن يكون له شروط منها إجادة علم النحو والصرف والاشتقاق وعلوم البلاغة ومعرفة أسباب النزول وعلم المحكم والمتشابه، وجميع العلوم المؤهلة في هذا الشأن، والدليل على امتلاك الأزهر لهذه الإمكانيات هو وجود الملايين من الرسائل العلمية في المكتبات على مستوى الجمهورية.

وفيما يتعلق بدعوة الرئيس للعمل على تجديد الخطاب الديني، قال «مهنا»: الأزهر قام بدوره وعلى الدولة كلها أن تقوم بتجديد أمورها، «موضوع زى رقصة الكيكى هل يحتاج إلى تجديد الخطاب الدينى؟!»، هذا الأمر على سبيل المثال تتولى وزارة الداخلية والمرور أمر ردعهم ومنعهم من خلال سن القوانين، وكذلك الأمر بالنسبة للعرى المنتشر في القنوات الفضائية لا يملك الأزهر إلا أن يقول إن هذا حرام، وأما «العصا ففى يد الحاكم».

من جهته قال الدكتور مختار مرزوق، عميد كلية أصول الدين فرع أسيوط: قضية تجديد الخطاب الدينى تحتاج إلى استمرار الدورات التدريبية العلمية للأئمة، ويجب أن تكون هناك متابعة لبعض الأئمة الذين يتخذون التشدد منهجًا بل الطعن في عقيدة المسلمين، ومراقبة هؤلاء الأئمة، وطباعة فتاوى دار الإفتاء المصرية على هيئة دوريات لكى يجدوا الآراء الوسطية، فلو اتبعنا تلك الأمور لقضينا على الفكر المتطرف.

"نقلا عن العدد الورقي"..
الجريدة الرسمية